الفصل الخامس
البخارى والحكم والصحابة
توطئة: ما جاء فى صحيح البخارى يؤكد أن الرسول أوصى بأمور الحكم لقريش وجعل الناس تابعين لها، وحسب السنة النبوية فإن قيام وانتشار الأمة الإسلامية اليوم يتطلب رجلاً قرشيًا يتولى أمر (الحكم) فيها.
أما الصحابة فإنهم لم يكونوا ملائكة-كما صورهم البعض اليوم-وهم كغيرهم من الناس يتحابون ويتباغضون، يتفقون ويختلفون، ويتقاربون ويتباعدون.
وسيتم بحث الموضوعين الرئيسيين التاليين فى هذا الفصل:
أولاً: الحكم فى الإسلام وطاعة الحاكم وحرمة المدينة.
ثانياً: أحوال بعض الصحابة.
أولاً: الحكم فى الإسلام وطاعة الحاكم وحرمة المدينة:
ورد فى صحيح البخارى أحاديث تؤكد على حق قريش فى الحكم وعلى وجوب طاعة الحاكم كما يلي:
متن الحديث (1):
حديث أبى هريرة، أن النبى (ص)، قال: " الناس تَـبعٌ لقريش فى هذا الشأن؛ مسلمهم تبع لمسلمهم، وكافرهم تبع لكافرهم " (أخرجه البخارى في: 61-كتاب المناقب: 1-باب قوله تعالى-{ يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى }).
الشرح والمناقشة (1):
الحديث يظهر تماما أن قريشًا صاحبة الحق فى الإمرة والخلافة (هذا الشأن) فى الإسلام تمامًا كما كانت قبل ذلك فى الجاهلية (كافرهم تبع لكافرهم) حيث كانت مكة مركز عبادة الأصنام. وعليه فإن أبا هريرة يثبت ما كان لقريش من مكانة قبل الإسلام لتصبح مكانة عالمية وأبدية.
متن الحديث (2):
حديث عبدالله بن عمر؛ عن النبى (ص)، قال: " لا يزال هذا الأمر فى قريش ما بقى منهم اثنان ". (أخرجه البخارى في: 61-كتاب المناقب: 2-باب مناقب قريش).
الشرح والمناقشة (2):
سأورد هنا ما ورد فى الأثر عن شرح ذلك الحديث، تاركًا للقارئ التوصل إلى الاستنتاج الملائم مع ضرورة الانتباه إلى أن الحركات الإسلامية الأصولية الملتزمة بسنة رسول الله المبيّنة فى صحيح البخارى عليها أن تأتمر بخليفة عربى قرشى لتضمن تطبيق أوامر الرسول فى أهم أمور دنياها وآخرتها!!
لا يزال هذا الأمر: أى الخلافة فى قريش: يستحقونها ما بقى منهم اثنان: قال النووى فيه دليل ظاهر على أن الخلافة مختصة بقريش، لا يجوز عقدها لغيرهم، وعلى هذا العقد الإجماع فى زمان الصحابة ومن بعدهم، ومن خالف فيه من أهل البدع فهو محجوج بإجماع الصحابة؛ وقد بيّن (ص) أن الحكم مستمر إلى آخر الزمان ما بقى فى الناس اثنان، وقد ظهر ما قاله، صلوات الله وسلامه عليه، من زمنه وإلى الآن، وإن كان المتغيبون من غير قريش ملكوا البلاد وقهروا العباد، لكنهم معترفون بأن الخلافة فى قريش، فاسم البلاد باق فيهم، فالمراد من الحديث مجرد التسمية بالخلافة لا الاستقلال بالحكم (ا. هـ.)
أخيرًا يبدو أن أحد العبادلة الأربعة-عبدالله بن عمرو بن العاص قد خالف الحديث السابق، مما دعا الخليفة معاوية إلى الغضب والتأكيد على ما جاء فى الأحاديث السابقة حسب ما يلي: عن معاوية، وقد بلغه أن عبدالله بن عمرو بن العاص يحدث: " أنه سيكون ملك من قحطان، فغضب معاوية فقام فأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال: أما بعد،فإنه بلغنى أن رجالا منكم يتحدثون أحاديث ليست فى كتاب الله تعالى، ولا تؤثر عن رسول الله (ص) فأولئك جهالكم، فإياكم والأمانى التى تضل أهلها، فإنى سمعت رسول الله (ص) يقول: "أن هذا الأمر فى قريش، لا يعاديهم أحد إلا كبّه الله على وجهه، ما أقاموا الدين ". (أخرجه البخارى-كتاب المناقب. لم يرد فى مسلم-)
متن الحديث (3):
حديث أبى هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ص) قَالَ: مَنْ أَطَاعَنِى فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، وَمَنْ عَصَانِى فَقَدْ عَصَى اللَّهَ، وَمَنْ أَطَاعَ أَمِيرِى فَقَدْ أَطَاعَنِى، وَمَنْ عَصَى أَمِيرِى فَقَدْ عَصَانِي (أخرجه البخارى في: 93-كتاب الأحكام: 1-باب قول الله تعالى-{أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم}).
الشرح والمناقشة (3):
الحديث يبيّن بوضوح تام أن طاعة الأمير تؤدى إلى طاعة الرسول التى تؤدى بدورها إلى طاعة الله، وكذلك فإن معصية الأمير تؤدى إلى معصية الرسول التى تؤدى بدورها إلى معصية الله. إذاً، فمن أراد أن يطيع الله عليه طاعة أميره ومن يعصى أميره فإنه يعصى الله. وبالتالى فإن قدَر الحاكم هو قدَر الله ولا مجال لرده؛ هذا ما يؤكده الحديث اللاحق:
متن الحديث (4):
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ النَّبِى (ص)، قَالَ: السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ، مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِمَعْصِيَةٍ، فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلا سَمْعَ وَلا طَاعَةَ. (أخرجه البخارى في: 93-كتاب الأحكام: 4-باب السمع والطاعة للإمام مالم تكن معصية).
والاستثناء من الطاعة والسمع يقع عندما يؤمر بمعصية، وهى كما يوضحها حديث عبادة بن الصامت فى موضع آخر من صحيح البخارى (أن تروا كفرًا بواحًا عندكم من الله فى برهان) (1).
والكفر البواح هو الكفر الظاهر الذى يُجهر ويصرح به، أما البرهان فهو النص من القرآن أو الخبر الذى لا يحتمل التأويل. ويضيف الإمام النووى تفصيلاً للشرح السابق فيقول: ومعنى الحديث لا تنازعوا ولاة الأمور فى ولايتهم، ولا تعترضوا عليهم إلا أن تروا منهم منكرًا محققًا تعلمونه من قواعد الإسلام، فإذا رأيتم ذلك فأنكروه عليهم؛ وأما الخروج عليهم وقتالهم فحرام بإجماع المسلمين، وإن كانوا فسقة ظالمين(ا. هـ.)
وكما ترى فإن شرح الإمام النووى ينسجم تمامًا مع فهمه للحديثين التاليين اللذين ننهى بهما موضوع طاعة الحاكم دون تعليق آخر:
متن الحديث (5):
عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ النَّبِى (ص)، قَالَ: سَتَكُونُ أَثَرَةٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: تُؤَدُّونَ الْحَقَّ الَّذِى عَلَيْكُمْ، وَتَسْأَلُونَ اللَّهَ الَّذِى لَكُمْ. (أخرجه البخارى في: 61-كتاب المناقب: 25-باب علامات النبوة فى الإسلام).
مع الإشارة إلى أن الأثرة-حسب الأزهرى-هو الاستئثار؛ أى يستأثر عليكم بأمور الدنيا ويُفضل عليكم غيركم!
متن الحديث (6):
حديث ابْنَ عَبَّاسٍ، عَنْ النَّبِى (ص) قَالَ: مَنْ كَرِهَ مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فَلْيَصْبِرْ؛ فَإِنَّهُ مَنْ خرج من السلطان شِبْرًا، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً. (أخرجه البخارى في: 92-كتاب الفتن: 2-باب قول النبى (ص) سترون بعدى أمورًا تنكرونها).
بعد البحث فى الإمارة وطاعة الحاكم نأتى إلى استعراض بعض الأحاديث الواردة فى صحيح البخارى والمتعلقة بحرمة المدينة المنورة (يثرب) ومكانتها عند الرسول الكريم؛ كما تبين الأحاديث اللاحقة:
متن الحديث (7):
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ النَّبِى (ص): أَنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَدَعَا لَهَا وَحَرَّمْتُ الْمَدِينَةَ كَمَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ وَدَعَوْتُ لَهَا، فِى وُدِّهَا وَصَاعِهَا مِثْلَ مَا دَعَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلام لِمَكَّةَ. (أخرجه البخارى فى: 34-كتاب البيوع: 53-باب بركة صاع النبى (ص)).
متن الحديث (8):
حَدَّثَنَا عَاصِمٌ قَالَ: قُلْتُ لأنَسٍ أَحَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ (ص) الْمَدِينَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ! مَا بَيْنَ كَذَا إلى كَذَا، لا يُقْطَعُ شَجَرُهَا، مَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ. قَالَ عَاصِمٌ: فَأَخْبَرَنِى مُوسَى بْنُ أَنَسٍ أَنَّهُ قَالَ: أو آوَى مُحْدِثًا. (أخرجه البخارى فى: 34-كتاب الاعتصام: 6-باب اثم من آوى محدثا).
متن الحديث (9):
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: لَوْ رَأَيْتُ الظِّبَاءَ بِالْمَدِينَةِ تَرْتَعُ مَا ذَعَرْتُهَا. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ص): مَا بَيْنَ لابَتَيْهَا حَرَامٌ. (أخرجه البخارى فى: 29-كتاب فضائل المدينة: 4-باب لابتى المدينة).
الشرح والمناقشة (7)-(8)-(9):
تبين الأحاديث الثلاثة السابقة بوضوح أن الرسول الكريم قد حرم المدينة تماما كما حرم من قبل قبله إبراهيم عليه السلام مكة المكرمة. ويبدو أن تلك الأحاديث قد وصلت الإمام البخارى ولم تصل إلى من سبقه من خاصة الأمة وعلى رأسهم الخلفاء ولاة أمور المسلمين فى الأرض؛ حيث تم رمى الكعبة مرتين بالمنجنيق وتم تحريقها وصُلب ابن الزبير حفيد أبى بكر وابن أخت السيدة عائشة زوج النبى (2).
أما فى المدينة المنورة فقد هاجم جيش يزيد بن معاوية أهلها فى موقعة (الحرة) واستباح قائد جيش أمير المؤمنين آنذاك مسلم بن عقبة المدينة ثلاثة أيام قيل إنه قتل فيها أربعة آلاف وخمسمائة وإنه قد فـُضّت فيها بكارة ألف بـِكر(3)!! ولم يكن عندئذٍ لقول الرسول فى أهل المدينة:" الأنصار لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق، فمن أحبهم أحب الله، ومن أبغضهم أبغضه الله "-(63-كتاب مناقب الأنصار)-أى وجود عند الخليفة وقائده!
النتيجة:
جاء فى صحيح البخارى كثير من الأحاديث التى تحصر أمور المسلمين بقبيلة قريش التى لا نعلم كيف نجد أفرادها فى أيامنا المعاصرة لنختار منهم من يحكم البلاد الإسلامية العربية وغير العربية التى يطالب بعضها بالعودة إلى نظام الخلافة الإسلامية!
وإذا كان الإمام البخارى قريب عهد، بل عاش فى ظل أحفاد قبيلة قريش من الخلفاء، ولم يستبعد تلك الأحاديث أو إنه غض الطرف عنها وأثبتها كأمر من الله ورسوله؛ فإن رائحة القبيلة والعصبية والطائفية والبداوة تخرج من تلك الأحاديث التى لا يمكن أن تأتى من رسول المحبة والرحمة للعالمين جميعًا وقد ذهب الإمام البخارى فى صحيحه إلى أبعد من ذلك فمنع-على لسان الرسول-الناس من الخوض أو محاولة طلب الإمارة أو الحكم(4)؛ وهو مالا يقبله عاقل فى أيامنا المعاصرة التى يفترض فينا أن نمنع مرشحى الرئاسة والانتخابات اليوم من منازعة الأمر أهله لأن الحكم فى قريش. أما ما يتعلق بربط طاعة الأمير (الحاكم) وظلمه بالله-عزّ و جلّ-فهو أمر بعود ببساطة إلى الذين حاولوا فرض الشرعية الإلهية على حكمهم بغية محاسبة المعترض والخارج عنهم وكأنه كافر خارج عن شرع الله ومنهجه.
أخيرًا فإن ولاة أمر المسلمين وخلفاء الله فى الأرض الذين أوصى رسول الله بانتقال الأمر إليهم-حسب البخارى-هم أول من انتهك حرمة مكة والمدينة من دون أية مبالاة بما ورد عن الرسول ومن دون أن يمسهم العذاب الذى توعدهم به فى الدنيا الإمام البخارى فى صحيحه حسب ما جاء من حديث سعد بن أبى وقاص، قال: سمعت النبى (ص) يقول: " لا يكيد أهل المدينة أحد إلا انماع كما ينماع الملح فى الماء " (5).
ثانياً: أحوال بعض الصحابة:
توطئة: كانت غالبية صحابة النبى (ص) من المهاجرين، الذين هاجروا من مكة إلى المدينة ومعظمهم من قريش والأنصار الذين ينسبون إلى قبيلتى الأوس والخزرج فى المدينة المنورة.
ولقد بالغ التابعون والأئمة والعلماء الأفاضل بمكانة وصفات الصحابة فجعلوهم كالملائكة-أن لم يكن أفضل منهم.
وفى حقيقة الأمر فإن الصحابة كغيرهم من الناس؛ فمنهم المذنب ومنهم التائب ومنهم الصالح ومنهم الطالح ومنهم البخيل ومنهم الكريم ومنهم الحكيم ومنهم الساذج ومنهم الشجاع ومنهم الجبان... وإلى غير ذلك من صفات الناس اليوم. وسأستعرض هنا بعض الأحاديث حول الصحابة محاولاً مناقشتها والنظر إليها بشكل مخالف للمألوف.
متن الحديث (1):
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ (ص) عَلَى الإسلام، فَأَصَابَهُ وَعْكٌ فَقَالَ: يا رسول الله! أَقِلْنِى بَيْعَتِى. فَأَبَى؛ ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ: أَقِلْنِى بَيْعَتِى، فَأَبَى؛ فَخَرَجَ الأَعْرَابِى. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ص): الْمَدِينَةُ كَالْكِيرِ تَنْفِى خَبَثَهَا وَيَنْصَعُ طِيبُهَا. (أخرجه البخارى فى: 93-كتاب الأحكام: 47-باب من بايع ثم استقال البيعة).
الشرح والمناقشة (1):
يبيّن الحديث أن الرسول قد منع الأعرابى من ترك المدينة بعد مبايعته على الإسلام بالرغم من مرضه (وعكه) وهو ليس موضع بحثنا هنا؛ وإن ما يهمنا هو قوله (ص): إنما المدينة كالكير تنفى خبثها وينصع طيبها! ومعنى ذلك-حسب ما ورد فى الأثر-إنه يخرج من المدينة من لم يخلص إيمانه ويبقى فيها من خلص إيمانه، وعليه فإن المدينة تحتفظ بالصالحين من الناس فقط! وهو ما يؤكده الحديث التالي:
متن الحديث (2):
حديث زيد بن ثابت، عن النبى (ص)، قال: " إنها طيبة تنفى الخبث كما تنفى النار خبث الفضة ". (أخرجه البخارى فى: 65-كتاب التفسير: 4-سورة النساء: 15-فما لكم من المنافقين فئتين).
الشرح والمناقشة (2):
الحديث يؤكد على فضل البقاء فى المدينة، ويبدو أن ذلك وصل الإمام البخارى إلا أنه لم يصل الخليفة الإمام علىّ الذى خرج مع بعض الصحابة من المدينة واتخذ بلاد الرافدين (العراق) مركزًا للخلافة الإسلامية؛ فهل نفته المدينة الطيبة كما تنفى النار خبث الفضة؟!
أم أن ذلك الحـديث برمـتة لم يـكن سـوى الوهم؟ أو أنه تحدث عن رجل بعينه فى زمن محدد، ولا ينبغى للإمام البخارى ولغيره اعتباره سنة ثابتة لرسول الله.
وهنا يطرح سؤال هام عن المنافقين الذين كانوا فى المدينة وعلى رأسهم عبد الله بن أبى سلول؛ كيف بقوا فى المدينة ودفنوا فيها؟!
متن الحديث (3):
حديث أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ: جَاءَتْ امْرَأَةٌ مِنْ الأنْصَارِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (ص) وَمَعَهَا صَبِى لَهَا. فَكَلَّمَهَا رَسُولُ اللَّهِ (ص) فَقَالَ: "وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ إِنَّكُمْ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى" مَرَّتَيْنِ، وفى رواية قالها ثلاث مرار. (أخرجه البخارى فى: 63-كتاب مناقب الانصار: 5-باب قول النبى (ص) للأنصار أنتم أحب الناس إلى).
الشرح والمناقشة (3):
يبين الحديث مكانة الأنصار الرفيعة ومحبة الرسول لهم، وقد وردت فى صحيح البخارى أحاديث كثيرة فى ذلك؛ حيث خصص باب لمناقبهم، وقد عظمهم الرسول الكريم حيث قال: "لو سلكت الأنصار واديًا أو شِعبًا لسلكت وادى الانصار أو شِعبهم" (6). ومع ذلك كله فان الإمام البخارى لم يجد أى تناقض فى ذلك مع ما جاء فى بعض كتب صحيحه حيث استبعد الرسول الأنصار من الإمارة أو حتى طلبها وتنبأ لهم بظلم وإثرة وعذاب قادم فى الدنيا، وحرمهم من العطايا والغنائم التى كانت توزع للمهاجرين من قريش. أكثر من ذلك فان العشرة المبشرين بالجنة جميعهم من المهاجرين من قريش!!
أخيرًا عندما اختلف أبو بكر وعمر بن الخطاب مع سعد بن عبادة زعيم الخزرج (الأنصار) على أمور البيعة فى سقيفة بن ساعدة فى المدينة، لم يورد سعد أحاديث فضائل الأنصار كحجة لوصوله إلى الإمارة، كما أن أبا بكر وعمر لم يوردا أحاديث الإمارة فى قريش التى تعطى الحق فى الإمارة!! مما يدل على أن هذه الأحاديث لم تكن تعتمد كحجة فى وقتها-هذا أن كانت موجودة أصلا-حيث أخذت مكانتها ودورها بعد أن أثبتت فى صحيح البخارى وغيره.
متن الحديث (4):
حديث عَائِشَةُ، قَالَتْ: لَمَّا ثَقُلَ النَّبِى (ص)، فَاشْتَدَّ وَجَعُهُ، اسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ أن يُمَرَّضَ فِى بَيْتِى. فَأَذِنَّ لَهُ. فَخَرَجَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ تَخُطُّ رِجْلاهُ الأرض، وَكَانَ بَيْنَ الْعَبَّاسِ وَبَيْنَ رَجُلٍ آخَرَ؛ فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ (راوى الحديث) فَذَكَرْتُ لابْنِ عَبَّاسٍ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ؛ فَقَالَ لِى: وَهَلْ تَدْرِى مَنْ الرَّجُلُ الَّذِى لَمْ تُسَمِّ عَائِشَةُ؟ قُلْتُ: لا. قَالَ: هُوَ عَلِى بْنُ أَبِى طَالِبٍ. (أخرجه البخارى فى: 51-كتاب الهبة: 14-باب هبة الرجل لامرأته والمرأة لزوجها).
الشرح والمناقشة (4):
يلاحظ أن الإمام البخارى قد أورد ذلك الحديث فى باب هبة الرجل لامرأته والمرأة لزوجها؛ علما أنه من أخطر الأحاديث التى تبين بوضوح جفاء السيدة عائشة للإمام على لدرجة أنها لم تذكر اسمه لتنفى وجوده ومساعدته لرسول الله أيام مرضه! وهو ما أكده ابن عباس عند ذكر تصحيحه للحديث عمدا؛ ولا عجب فى ذلك فقد كان للإمام على مواقف سلبية فى حادثة الإفك حيث قال بشأن عائشة "يا رسول الله! لم يضيق الله عليك والنساء سواها كثير"(7). ومهما يكن من جفاء وخلاف بين أهم شخصيتين فى ذلك الوقت (زوج النبى-وصهره وابن عمه)، فقد ترجم على أرض الواقع فى موقعة الجمل التى راح ضحيتها العديد من كبار الصحابة.
متن الحديث (5):
أَخْبَرَنِى مَالِكُ بْنُ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ النَّصْرِى، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ دَعَاهُ إِذْ جَاءَهُ حَاجِبُهُ يَرْفَا، فَقَالَ: هَلْ لَكَ فِى عُثْمَانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالزُّبَيْرِ وَسَعْدٍ يَسْتَأْذِنُونَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ. فَأَدْخِلْهُمْ. فَلَبِثَ قَلِيلا ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: هَلْ لَكَ فِى عَبَّاسٍ وَعَلِى يَسْتَأْذِنَانِ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَلَمَّا دَخَلا قَالَ عَبَّاسٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! اقْضِ بَيْنِى وَبَيْنَ هَذَا، وَهُمَا يَخْتَصِمَانِ فِى الَّذِى أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ (ص) مِنْ بَنِى النَّضِيرِ، فَاسْتَبَّ عَلِى وَعَبَّاسٌ. فَقَالَ الرَّهْطُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! اقْضِ بَيْنَهُمَا وَأَرِحْ أَحَدَهُمَا مِنْ الآخَرِ. فَقَالَ عُمَرُ: اتَّئِدُوا، أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِى بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأرض! هَلْ تَعْلَمُونَ أن رَسُولَ اللَّهِ (ص) قَالَ: لا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ. يُرِيدُ بِذَلِكَ نَفْسَهُ؟ قَالُوا: قَدْ قَالَ ذَلِكَ. فَأَقْبَلَ عُمَرُ عَلَى عَبَّاسٍ وَعَلِى، فَقَالَ: أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ! هَلْ تَعْلَمَانِ أن رَسُولَ اللَّهِ (ص) قَدْ قَالَ ذَلِكَ؟ قَالا: نَعَمْ. قَالَ: فَإِنِّى أُحَدِّثُكُمْ عَنْ هَذَا الأمْرِ، إن اللَّهَ سُبْحَانَهُ كَانَ خَصَّ رَسُولَهُ (ص) فِى هَذَا الْفَيْءِ بِشَيْءٍ لَمْ يُعْطِهِ أَحَدًا غَيْرَهُ، فَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ:-وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ... إِلَى قَوْلِهِ قَدِيرٌ-فَكَانَتْ هَذِهِ خَالِصَةً لِرَسُولِ اللَّهِ (ص). ثُمَّ وَاللَّهِ مَا احْتَازَهَا دُونَكُمْ، وَلا اسْتَأْثَرَهَا عَلَيْكُمْ، لَقَدْ أَعْطَاكُمُوهَا وَقَسَمَهَا فِيكُمْ حَتَّى بَقِى هَذَا الْمَالُ مِنْهَا، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ (ص) يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَتِهِمْ مِنْ هَذَا الْمَالِ، ثُمَّ يَأْخُذُ مَا بَقِى فَيَجْعَلُهُ مَجْعَلَ مَالِ اللَّهِ. فَعَمِلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ (ص) حَيَاتَهُ. ثُمَّ تُوُفِّى النَّبِى (ص)، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ فَأَنَا وَلِى رَسُولِ اللَّهِ (ص). فَقَبَضَهُ أَبُو بَكْرٍ فَعَمِلَ فِيهِ بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ (ص)، وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ. فَأَقْبَلَ عَلَى عَلِى وَعَبَّاسٍ، وَقَالَ: تَذْكُرَانِ أن أَبَا بَكْرٍ فِيهِ كَمَا تَقُولانِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُ فِيهِ لَصَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ. ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ، فَقُلْتُ أَنَا وَلِى رَسُولِ اللَّهِ (ص) وَأَبِى بَكْرٍ، فَقَبَضْتُهُ سَنَتَيْنِ مِنْ إِمَارَتِى أَعْمَلُ فِيهِ بِمَا عَمِلَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ (ص) وَأَبُو بَكْرٍ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّى فِيهِ صَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ. ثُمَّ جِئْتُمَانِى كِلاكُمَا وَكَلِمَتُكُمَا وَاحِدَةٌ. وَأَمْرُكُمَا جَمِيعٌ، فَجِئْتَنِى (يَعْنِى عَبَّاسًا) فَقُلْتُ لَكُمَا: أن رَسُولَ اللَّهِ (ص) قَالَ: لا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ. فَلَمَّا بَدَا لِى أن أَدْفَعَهُ إِلَيْكُمَا، قُلْتُ: إن شِئْتُمَا دَفَعْتُهُ إِلَيْكُمَا، عَلَى أن عَلَيْكُمَا عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ، لَتَعْمَلانِ فِيهِ بِمَا عَمِلَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ (ص) وَأَبُو بَكْرٍ، وَمَا عَمِلْتُ فِيهِ مُنْذُ وَلِيتُ، وَإِلا فَلا تُكَلِّمَانِى. فَقُلْتُمَا: ادْفَعْهُ إِلَيْنَا بِذَلِكَ، فَدَفَعْتُهُ إِلَيْكُمَا. أَفَتَلْتَمِسَانِ مِنِّى قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ؟ فَوَاللَّهِ الَّذِى بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأرض، لا أَقْضِى فِيهِ بِقَضَاءٍ غَيْرِ ذَلِكَ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، فَإِنْ عَجَزْتُمَا عَنْهُ فَادْفَعَا إِلَى، فَأَنَا أَكْفِيكُمَاهُ. (أخرجه البخارى فى: 64-كتاب المغازى: 14-باب حديث بنى النضير).
الشرح والمناقشة (5):
يلاحظ طول متن ذلك الحديث نسبيا، وموضع الشاهد فيه هو خلاف الإمام على مع عمه العباس لدرجة أنهما وصلا لمرحلة السب والشتم بينهما مما دعا كبار الصحابة-آنذاك-لسؤال الخليفة عمر بن الخطاب للقضاء بينهما لإراحة أحدهما من الآخر-كما جاء فى الحديث.
ويبدو جلــيًا فى الحديث أنهـما كانا يختلـفان على أمـر مـادى دنـيوى بحت،وأنهما لم يوافقا الخليفة أبا بكر فى تصرفه بتركة رسول الله التى طالبا فيها مرارًا إلى أن حصلا عليها زمن الخليفة الفاروق الذى خالف بذلك حديث رسول الله أو خليفته الصديق!
متن الحديث (6):
حديث البراء، قال: قال النبى (ص) لحسان: "اهجهم أو هاجهم وجبريل معك". (أخرجه البخارى فى: 59-كتاب بدء الخلق: 6-باب ذكر الملائكة).
الشرح والمناقشة (6):
أن يأمر الرسول بهجاء المعارضين له هو أمر فيه شك لأن البارى-عز وجل-قال فيه: {وإنك لعلى خلق عظيم}. ولكن أن يكون جبريل الوحى الأمين مع الشاعر حسان فى هجائه بحيث يصبح شعره مؤيدًا من السماء فهذا أمر لا يمكن قبول نسبه إلى الرسول الكريم.
ويحق للمرء هنا أن يتساءل عن حال جبريل عندما كان حسان يخوض فى حديث الإفك الذى أنزل الله بعده قرآنًا يتوعده فيه بالعذاب العظيم عبر وحيه جبريل-عليه السلام!؟ وهنا لابد من الاشارة إلى أن السيدة عائشة-حسب صحيح البخارى-قد سامحت الشاعر حسان بن ثابت بعد تورطة الكبير فى حديث الإفك وتقبلت شعره فيها بقوله:
حصان رزان ما تزن بريبة وتصبح غرثى من لحوم القوافل
الا إنها لم تغفر للإمام على موقفه البسيط إذا ما قورن بموقف حسان فى تلك الحادثة.
متن الحديث (7):
حديث أبو هُرَيْرَةَ، قَالَ: إِنَّكُمْ تَزْعُمُونَ أن أَبَا هُرَيْرَةَ يُكْثِرُ الْحَدِيثَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (ص). وَاللَّهُ الْمَوْعِدُ. إِنِّى كُنْتُ امْرَأً مِسْكِينًا، أَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ (ص) عَلَى مِلْءِ بَطْنِى، وَكَانَ الْمُهَاجِرُونَ يَشْغَلُهُمْ الصَّفْقُ بِالأسْوَاقِ. وَكَانَتْ الأنْصَارُ يَشْغَلُهُمْ الْقِيَامُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ. فَشَهِدْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (ص) ذَاتَ يَوْمٍ، وَقَالَ: مَنْ يَبْسُطْ رِدَاءَهُ حَتَّى أَقْضِى مَقَالَتِى، ثُمَّ يَقْبِضْهُ فَلَنْ يَنْسَى شَيْئًا سَمِعَهُ مِنِّى. فَبَسَطْتُ بُرْدَةً كَانَتْ عَلَى. فَوَالّـَذِى بَعـَثَهُ بِالْـحَقِّ! مَا نَسِـيتُ شَـيْئًا سَمِعْتُهُ مِنْهُ. (أخرجه البخارى فى: 96-كــتاب الاعتــصام: 22-بــاب الحــجة عــلى مـن قـال أن أحــكام النــبى (ص) كانت ظاهرة).
الشرح والمناقشة (7):
الحديث الوارد يبين اهتمام وحفظ أبى هريرة لحديث الرسول الكريم بعد أن ملأ الرسول رداء أبى هريرة بكلامه وحكمته! والشاهد على ذلك الحدث هو أبو هريرة نفسه حيث أكد ذلك بقسمه بالله الموعد. وتجدر الإشارة هنا إلى تراجع أبى هريرة عن معلوماته (حديث إدراك الفجر جنبا) حيث نسبه إلى الفضل بن العباس عوضًا عن الرسول الكريم.
ومهما يكن من أمر حفظ أبو هريرة-حيث تم الحديث عنه سابقا-فإن ما يهمنا من هذا الحديث هو وصفه للصحابة من المهاجرين والأنصار؛ فالمهاجرون يشغلهم (الصفق) وهو كناية عن التبايع، لأنهم كانوا إذا تبايعوا تصافقوا بالأكف أمارة لالتزام البيع، فإذا تصافقت الأكف انتقلت الأملاك واستقرت يد كل منهما على ما صار لكل واحد منهما من ملك صاحبه.
أما الأنصار فتشغلهم الزراعة والمحاصيل؛ وعليه فكان هم المهاجرين والأنصار التجارة وجمع المال والمصالح الدنيوية، حيث تركوا العبادة والاقتداء بالرسول الكريم ليتصدى لها أبو هريرة.
أخيرًا فإن الإمام البخارى لم يجد فى ذلك الحديث إلا أن يضعه فى باب الحجة على من قال أن أحكام النبى (ص) كانت ظاهرة!!
متن الحديث (8):
حديث أبى بكرة. عَنْ الأحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: ذَهَبْتُ لأنْصُرَ هَذَا الرَّجُلَ (يعنى عليًا)، فَلَقِيَنِى أَبُو بَكْرَةَ، فَقَالَ أَيْنَ تُرِيدُ؟ قُلْتُ: أَنْصُرُ هَذَا الرَّجُلَ. قَالَ: ارْجِعْ فَإِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (ص) يَقُولُ: إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا، فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِى النَّارِ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هَذَا الْقَاتِلُ. فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ؟ قَالَ: إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ. (أخرجه البخارى فى: 2-كتاب الايمان: 22-باب المعاصى من أمر الجاهلية).
الشرح والمناقشة (8):
نظرًا لأهمية ذلك الحديث سأورد شرحه حسب ما جاء فى كتب الأثر لأعود وأعلق عليه بعد ذلك: حيث نجد أن المقصود بقوله: لأنصر هذا الرجل: هو على بن أبى طالب. إذا التقى المسلمان بسيفيهما: فضرب كل واحد منهما الأخر. فالقاتل والمقتول فى النار. أما كون القاتل والمقتول من أهل النار فمحمول على من لا تأويل له، ويكون قتالهما عصبية ونحوها. ثم كونه فى النار معناها مستحق لها، وقد يجازى بذلك، وقد يعفو الله عنه. هذا مذهب أهل الحق. قال الإمام النووى (واعلم أن الدماء التى جرت بين الصحابة رضى الله عنهم، ليست بداخلة فى هذا الوعيد. ومذهب أهل السنة والحق أحسنوا الظن بهم، والإمساك عما شجر بينهم، وتأويل قتالهم، وأنهم مجتهدون متأولون لم يقصدوا معصية ولا محض الدنيا. بل اعتقد كل فريق أنه المحق ومخالفه باغ. فوجب عليه قتاله ليرجع إلى أمر الله. وكان بعضهم مصيبًا وبعضهم مخطئا معذورًا فى الخطأ، لأنه اجتهاد. والمجتهد إذا أخطأ لا إثم عليه وكان على (رض) هو المحق المصيب فى تلك الحروب. هذا مذهب أهل السنة). إنه كان حريصًا على قتل صاحبه: مفهومه أن من عزم على المعصية بقلبه، ووطن نفسه عليها، أثم فى اعتقاده وعزمه.
بعد إيراد الشرح والعودة إلى نص الحديث نجد أنه لا يحتاج إلى ذلك التأويل الوارد فى الشرح المبين. وأن المجتهدين-حسب قول الإمام النووى-لا يوصلهم اجتهادهم وحكمتهم وعلمهم إلى قتل من يخالفهم الرأى بالسيف وسفك دمه!! إلا إذا كانوا مخطئين فى فهم الدين الحنيف، وفيهم الكثير من العصبية والجاهلية. ثم ما فائدة الاجتهاد إذا كان يؤدى إلى القتل والاقتتال؟ فالاجتهاد وعى وعلم وحلم وأناة والسيف بطش ودم وغريزة بدائية ولا يمكن لهما أن يلتقيا.
والوعيد جاء من الرسول لمن سل السيف وفضل سفك الدماء على الحوار وتقبل الآخر؛ أما تنفيذ ذلك الوعيد فأمره متروك لله-عز وجل-الذى يغفر لمن يشاء ويعاقب من يستحق العقوبة. ولعل ما جاء عن الرسول فى مواضع أخرى من صحيح البخارى يؤكد المعنى السابق للحديث وينفى تأويل وشرح أهل المذاهب المختلفة؛ حيث يسأل الرسول عن أصحابه فى الدار الآخرة فيجاب: "لا تدرى ما أحدثوا بعدك" (8).
النتيجة:
أقوال وأفعال الصحابة هى أعمال إنسانية بشرية لا تمثل شرعًا ولا دينًا ولا قدسية لها، وهم كغيرهم من الناس يخطئون ويصيبون، ينجحون ويفشلون، وأمرهم كغيرهم مفوض لله-عز وجل. وإن محاولة تقديس أقوالهم وأفعالهم وتخصيص أبواب لهم فى الفضائل تجعل الإسلام والمسلمين فى مأزق حقيقى فى أيامنا المعاصرة.
ولقد رأى الصحابة أنفسهم فى أقوال النبى-التى صحت وقالها فعلا-أوامر وآراء وقتية تصلح لحالهم وزمنهم ومكانهم ولا يمكن إسقاطها وقبولها فى كل زمان ومكان.
ولعل الحديث التالى الذى سأختم به هذا الفصل يبين أنهم عندما شعروا بدنو أجل الرسول الكريم لم يفكروا فى جمع حديثه وكلامه لأنه ترك فيهم مالا يأتيه الباطل أمامه أو خلفه. ترك فيهم كتاب الله-عز وجل.
وبعيدًا عن فهم واتهامات المذاهب الإسلامية المختلفة من سنة وشيعة وغيرها التى تتعلق بذلك الحديث، فإن تصرف الصحابة آنذاك كان تصرفًا إنسانيًا عاديًا طبيعيًا قد يحتمل الصواب وقد يحتمل الخطأ،ولا يحق لأى إنسان أن يبشر غيره من الناس بالجنة أو يتوعدهم بالنار لأن فى ذلك تعديًا على حقوق الله وعلمه ورحمته التى نأمل أن تشمل الناس أجمعين فى كل زمان ومكان.
متن الحديث (9):
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: يَوْمُ الْخَمِيسِ، وَمَا يَوْمُ الْخَمِيسِ! ثُمَّ بَكَى حَتَّى خَضَبَ دَمْعُهُ الْحَصْبَاءَ، فَقَالَ: اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللَّهِ (ص) وَجَعُهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ، فَقَالَ: ائْتُونِى بِكِتَابٍ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا فَتَنَازَعُوا، وَلا يَنْبَغِى عِنْدَ نَبِى تَنَازُعٌ. فَقَالُوا: هَجَّرَ رَسُولُ اللَّهِ (ص). قَالَ: دَعُونِى فَالَّذِى أَنَا فِيهِ خَيْرٌ مِمَّا تَدْعُونِى إِلَيْهِ. وَأَوْصَى عِنْدَ مَوْتِهِ بِثَلاثٍ: أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَأَجِيزُوا الْوَفْدَ بِنَحْوِ مَا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ، وَنَسِيتُ الثَّالِثَةَ. (أخرجه البخارى فى: 56-كتاب الجهاد: 176-باب هل يستشفع إلى أهل الذمة ومعاملتهم).
الهوامش
(1) راجع صحيح البخارى فى 92، كتاب الفتن.
(2) راجع ما فعله الحصين بن نمير المسكونى والحجاج بن يوسف الثقفى فى كتب التراث.
(3) الكامل لابن الاثير، جزء 5.
(4) راجع صحيح البخارى، كتاب الايمان والنذور،1.
(5) راجع صحيح البخارى،29، كتاب فضائل المدينة.
(6) راجع صحيح البخارى فى (63-64 كتابى مناقب الانصار والمغازى).
(7) راجع صحيح البخارى 65 كتاب التفسير، (سورة النور).
(8) راجع صحيح البخارى فى.
الفصل السادس
البخارى والمرأة
توطئة: من يبـحث الأحاديث المتعلـقة بالـمرأة فى صحـيح البـخارى وغـيره بعـمق وحـياد يجد أن الـمرأة لا تتـساوى مع الرجل، وإنـها فى النسق الثانى دومًا ولا يمكنها أن تكون صنوه، وذلك بالرغم من كل أساليب التلميع والتخريجات والتبريرات التى يتبناها السادة العلماء الأفاضل.
والحقيقة التى يتوجب على ذكرها-بكل جرأة هنا-أن دعاة المسلمين على اختلاف مستوياتهم قد نجحوا بزرع عقدة النقص والدونية فى المرأة المسلمة لدرجة أنها أصبحت تدخل فى بنيتها الجينية وأقنعوها بأن تلك العقدة المرَضية هى ميزة تتمتع بها الأنثى المسلمة دون غيرها من نساء الأرض. وجعلوا المرأة المسلمة مُنَظِّرَة فى الاحتقار الذاتى والدونية بملء إرادتها وكامل وعيها وتصميمها حتى أنك تجد المعلِّمة والمهندسة والطبيبة وعالمة الذرّة تقر بأن الرجل أفضل منها وأن له القوامة عليها وإن كان يفتقر إلى الحد الأدنى من العلم والثقافة.
وسترى الأخت المسلمة من خلال ما سيتم استعراضه من أحاديث-وهى غيض من فيض-أنها مسلوبة الحقوق ومُهمَّشة ومستبعدة فى معظم الأحيان عن القضايا الأساسية والأمور الهامة؛ علمًا أن الله-عزّ و جلّ-قد كرّمها كثيرًا فى كتابه العزيز وهو ما سأحاول بحثه فى نهاية هذا الفصل.
كلمة أخيرة قبل أن أبدأ سرد الأحاديث أقولها للمرأة التى أحبها من كل قلبي، أحبها لأنها أمى وأختى وزوجتى وابنتى وصديقتى وحبيبتى وزميلتى ودنيتى كلها: عليكِ أن تطالبى بحقكِ الذى وهبكِ الله-عزّ وجلّ-إياه واغتصبه منكِ أصحاب التفكير الذكورى الممثل برجال الدين وأتباعهم الكثر. عليكِ أن تعملى وتتعبى وتجتهدى للحصول على ذلك، واعلمى أن صاحب الحق هو الأولى بتحصيل حقه وتذكرى قول الشاعر:
وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا
وتذكرى أن الأم التى تعشق رضيعها وتدفع حياتها للحفاظ عليه قد تسهو عنه وتنساه إذا لم يشعرها بحاجته للعناية به وإرضاعه عبر بكائه وصراخه.
متن الحديث (1):
حديث أبى هريرة، قال: قال النبى (ص):" إذا باتت المرأة مهاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى ترجع ". (أخرجه البخارى فى: 67-كتاب النكاح: 85-باب إذا باتت المرأة مهاجرة فراش زوجها).
الشرح والمناقشة (1):
الحديث يبيّن بوضوح تام أن الملائكة هى عون الزوج على زوجته، حيث تقوم بلعنها حتى ترجع إذا لم تلبى دعوته للفراش، وقد وردت أحاديث مشابهة بمعانى مختلفة(1) وجميعها تؤكد أن الجنس عند المرأة بهيمى مجرد من العواطف والمشاعر الإنسانية وعليها أن تكون جاهزة دومًا عندما يريدها الزوج وبدون أى تردد أو تذمر. وهنا يحق لنا أن نسأل: ما حال الزوجة الراغبة فى الجماع التى يعرض زوجها عنها؟! ما هو حكمها؟! ومن سيدعمها؟! ومن سيلعن زوجها معها؟!
أم أن أنوثتها وعفتها وكمالها وأخلاقها وحياءها ستمنعها من ذلك لتجنب زوجها لعنات الملائكة التى ما عرفناها إلا مسبحة ذاكرة لاسم الله ولاعنة على لسان أبى هريرة!!
متن الحديث (2):
حديث أبى هريرة، عن النبى (ص): " لا تصوم المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه ". (أخرجه البخارى فى: 67-كتاب النكاح: 84-باب صوم المرأة بإذن زوجها تطوعًا).
الشرح والمناقشة (2):
المرأة هنا لا تملك حق عبادة الصوم دون إذن زوجها وبالرغم من عمومية اللفظ فيه (لا تصوم المرأة) دون استثناء لشهر رمضان أو غيره فإن صيام رمضان يبقى استثناء كونه فرضًا فى الذكر الحكيم على كل المسلمين والمسلمات.
ومع ذلك فإن لا يمكنها أن تجتهد وتزيد فى عبادة صيامها إلا بإذن من سيدها (زوجها). أما الزوج فلا عذر له ولا حرج؛ يصوم ويفطر متى يشاء وأنى شاء وكيفما شاء! مع الإشارة إلى أن المرأة أدنى فى ذلك لأنها تحتاج إلى تعويض أيام إفطارها وقت حيضها.
متن الحديث (3):
حديث لأبى هريرة، أن رسول الله (ص)، قال: " المرأة كالضلع إن أمَمْتَها كسرتها، وإن اسْتَمْتَعْتَ بها اسْتَمْتَعْتَ بها وفيها عِوَج". (أخرجه البخارى فى: 67-كتاب النكاح: 79-باب المداراة مع النساء).
متن الحديث (4):
عَنْ أَبِى هُرَيْرَة، عَنْ النَّبِى (ص) قَالَ: مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلا يُؤْذِى جَارَهُ، وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِى الضِّلَعِ أَعْلاهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا. (أخرجه البخارى فى: 67-كتاب النكاح: 80-باب الوصاة بالنساء).
الشرح والمناقشة (3) و(4):
المرأة حسب الحديثين السابقين معوّجة لا أمل فيها وعلى الرجل أن يستمتع بها وكأنها قطعة حلوى أو لفافة تبغ أو سيجار فاخر وفيها ذلك العوج.
واطلب هنا من الأخ القارى متابعة ماجاء فى كتب الأثر فى شرح الحديثين السابقين حيث نلاحظ تأكيد السادة العلماء والفقهاء على ذلك العوج وعلى طيش وسذاجة المرأة التى يقوم الذَّكَر الحكيم بتحملها دائما.
-الضلع: عظم مستطيل من عظام الجنب منحن؛ مؤنثة. أن أقمتها: أى أن أردت إقامتها. العوج: قال أهل اللغة: العوج بالفتح فى كل شخص, وبالكسر فيما ليس بمرئى كالرأى والكلام؛ وفى هذا الحديث ملاطفة: النساء والاحسان إليهن والصبر على عوج أخلاقهن واحتمال ضعف عقولهن وكراهة طلاقهن بلا سبب, وأنه لايطمع فى استقامتهن.
-واستوصوا: ألا أوصيكم بالنساء خيرا: ألا فاقبلوا وصيتى فيهن؛ لأن الاستيصاء استفعال وظاهره طلب الوصية وليس هو المراد, ويجوز أن يكون من الخطاب العام أى يستوصى بعضكم من بعض فى حق النساء. من ضلع: معوج فلا يتهيأ الانتفاع بهن إلا بمدراتهن والصبر على اعوجاجهن, والضلع استعير للمعوج, ألا خلقن خلقًا فيه اعوجاج بكأنهن خلقن من أصل معوج؛ وقيل أراد به أن أول النساء حواء خلقت من ضلع آدم. أعلاه: ذكره تأكيدًا لمعنى الكسر, أو ليبين أنها خلقت من أعلى أجزاء الضلع وهو أعوجه. لم يزل أعوج: فيه الندب إلى مداراة النساء وسياستهن والصبر على عوجهن, وأن من رام تقويمهن رام مستحيلا وفاته الانتفاع بهن, مع أنه لاغنى للإنسان عن امرأة يسكن إليها, ويستعين بها على معاشه, قال:
هى الضلع العوجاء لست تقيمها ألا إن تقويم الضلوع انكسارها
أتجمع ضعفًا واقتدارًا على الهوى؟ أليس عجيبًا ضعفها واقتدارها؟
فكأنه قال الاستمتاع بها لايتم إلا بالصبر عليها؛ قال الغزالى: وللمرأة على زوجها أن يعاشرها بالمعروف وأن يحسن خلقه معها, قال وليس حسن الخلق معها كف الأذى عنها بل احتمال الأذى منها بالحلم عن طيشها وغضها اقتداء برسول الله (ص),فقد كان أزواجه يراجعنه الكلام, وتهجره إحداهن الى الليل, وأعلى من ذلك أن الرجل يزيد على احتمال الأذى بالمداعبة فهى التى تطيب قلوب النساء.ا. هـ.
متن الحديث (5):
حديث علىّ، قال: سَمِعْتُ النَّبِى (ص) يَقُولُ: خَيْرُ نِسَائِهَا مَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ، وَخَيْرُ نِسَائِهَا خَدِيجَةُ. (اخرجه البخارى فى: 60-كتاب الانبياء: 45-باب " واذ قالت الملائكة يامريم أن الله اصطفاك"
متن الحديث (6)
عَنْ أَبِى مُوسَى، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ص): كَمَلَ مِنْ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنْ النِّسَاءِ إِلا آسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ. وَإِنَّ فَضْلَ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ. (أخرجة البخارى فى: 60-كتاب الانبياء: 32-باب قول الله تعالى-" وضرب الله مثلا للذين آمنوا")
الشرح والمناقشة (5) و(6):
يلاحظ أن لامكان للسيدة فاطمة-ابنة الرسول-بينهن؛ وقد اكتملت اثنتان فقط من النساء بدون عوج. وبالرغم من اختلاف معطيات الحديثين حول كمال وخير النساء فإننا نجد أن من كمل من الرجال كثير أما النساء فاثنتان فقط!! ألحقت بهما عائشة حياء علما أن هناك كثيرًا من الناس لايأكلون الثريد (فتة اللحمة) ولا يفضلونه أبدًا على سائر الطعام.
وأكمل النساء أو أخيرهن لايعنى دخولهن الجنة, لهذا نرى السادة العلماء الأفاضل قد ذكروا أسماء العشرة المبشرين بالجنة من الرجال, ولم يضيفوا لهم امراة واحدة, ولتكن السيدة خديجة التى كانت أول من نصر وساعد وآمن بالرسول الكريم!! وهى من قريش!! وهنا لابد من الإشارة إلى أن السيدة عائشة لم توافق على هذين الحديثين حيث رأت نفسها أفضل من السيدة خديجة حسب ما جاء فى الحديثين التاليين:
متن الحديثين (7) و(7-1):
عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: اسْتَأْذَنَتْ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، أُخْتُ خَدِيجَةَ، عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (ص). فَعَرَفَ اسْتِئْذَانَ خَدِيجَةَ، فَارْتَاعَ لِذَلِكَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ هَالَةَ. قَالَتْ: فَغِرْتُ فَقُلْتُ: مَا تَذْكُرُ مِنْ عَجُوزٍ مِنْ عَجَائِزِ قُرَيْشٍ، حَمْرَاءِ الشِّدْقَيْنِ، هَلَكَتْ فِى الدَّهْرِ، قَدْ أَبْدَلَكَ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهَا. (أخرجه البخارى فى: 63-كتاب مناقب الانصار: 70-باب تزويج النبى(ص) خديجة وفضلها).
متن الحديث (7-1):
عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِى (ص) قَالَ لَهَا: أُرِيتُكِ فِى الْمَنَامِ مَرَّتَيْنِ، أَرَى أَنَّكِ فِى سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ، وَيَقُولُ: هَذِهِ امْرَأَتُكَ، فَاكْشِفْ عَنْهَا، فَإِذَا هِى أَنْتِ، فَأَقُولُ: أن يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ. (أخرجه البخارى فى: 63-كتاب مناقب الانصار: 44-باب تزويج النبى (ص) عائشة وقدومها المدينة).
متن الحديث (8):
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِى (ص): " لَوْلا بَنُو إِسْرَائِيلَ لَمْ يَخْنَزْ اللَّحْمُ، وَلَوْلا حَوَّاءُ لَمْ تَخُنَّ أُنْثَى زَوْجَهَا. (أخرجة بالبخارى فى 60-كتاب الانبياء: 1-باب خلق آدم صلوات الله عليه وذريته).
الشرح والمناقشة (8):
من الناحية العليمة والعملية يخنز اللحم (أى ينتن) وكذلك فالمرأة تخون زوجها كحقيقة علمية وموضوعية-حسب أبى هريرة-فكما أن اللحم ينتن, فإن المرأة تخون؛ ومن هى الخائنة للزوج تحديدا!؟! من هى خائنة بيت الزوجية؟! أليست الزانية!! فما رأيك سيدتى المرأة وما هو مبرر صلاتك وصيامك وحجابك مادمت خائنة لزوجك دوما.
متن الحديث (9):
عَنْ أُسَامَةَ،عَنْ النَّبِى (ص) قَالَ: قُمْتُ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ فَكَانَ عَامَّةَ مَنْ دَخَلَهَا الْمَسَاكِينُ وَأَصْحَابُ الْجَدِّ مَحْبُوسُونَ. غَيْرَ أن أَصْحَابَ النَّارِ قَدْ أُمِرَ بِهِمْ إلى النَّارِ. وَقُمْتُ عَلَى بَابِ النَّارِ، فَإِذَا عَامَّةُ مَنْ دَخَلَهَا النِّسَاءُ. (أخرجة البخارى فى: 67-كتاب النكاح: 17-باب مايتقى من شؤم المرأة).
الشرح والمناقشة (9):
الحديث يبشر المساكين بالجنة؛ وأصحاب (الجد) البخت فى الدنيا والغنى فهم على الانتظار للحساب على باب الجنة, أما النساء فلا خوف عليهن فهن عامة أهل النار وستمتلئ النار بهن ويتفق معنى هذا الحديث مع ما يلية من مبررات فى الحديث التالى:
متن الحديث (10):
عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِى، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ (ص) فِى أَضْحَى أو فِطْرٍ إلى الْمُصَلَّى فَمَرَّ عَلَى النِّسَاءِ، فَقَالَ، يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ فَإِنِّى أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ. فَقُلْنَ: وَبِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ، مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ. قُلْنَ: وَمَا نُقْصَانُ دِينِنَا وَعَقْلِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: أَلَيْسَ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ؟ قُلْنَ: بَلَى. قَالَ: فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا. أَلَيْسَ إذا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ؟ قُلْنَ: بَلَى. قَالَ: فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا. (أخرجة البخارى فى:-كتاب الحيض: 6-باب ترك الحائض الصوم).
الشرح والمناقشة (10):
ونلاحظ فى ذلك الحديث تأكيدًا لمعنى الحديث السابق مباشرة (9) وإذا كان النقصان قد حدد موضعه فى الحيض والشهادة, مما يؤكد على عدم كمال المرأة ومساواتها للرجل مهما سعت لذلك, فإن الحديث يبين بوضوح أن أكثر أهل النار من النساء.
وهنا نأمل أن لايعلق أحدهم بأن تعداد النساء فى العالم أكثر من الرجال وكذلك سيكون حالهم فى النار!! ذلك أن كافة الأحاديث المذكورة لم تتعرض لذلك وإنما أعطيت الأسباب الداعية لكثرةالنساء فى جهنم من الخيانة إلى كثرة اللعن إلى عدم الكمال إلى الفتنة... وإلى غير ذلك من العيوب والنوقص التى جمعت فى المرأة.
متن الحديث (11):
عن هبد الله بن عمر، قال: سمعت النبى (ص) يقول: "إنما الشؤم فى ثلاثة: فى الفرس والمرأة والدار" (أخرجة البخارى فى: المختصر 60-كتاب الجهاد).
الشرح والمناقشة (11):
المرأة مصدر شؤم وهى تتساوى فى ذلك مع الحيوان (الفرس) والجماد (الدار), ولا غرابة فى ذلك. فقد جاء فى حديث آخر ما نصه "يقطع صلاة المرء كلب أو حمار أو امرأة". مما جعل السدة عائشة تستنكر ذلك بشدة كما فى الحديث التالى:
متن الجديث (12):
عَنْ عَائِشَة، ذُكِرَ عِنْدَهَا مَا يَقْطَعُ الصَّلاةَ، الْكَلْبُ وَالْحِمَارُ وَالْمَرْأَةُ. فَقَالَتْ شَبَّهْتُمُونَا بِالْحُمُرِ وَالْكِلابِ! وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِى (ص) يُصَلِّى وَإِنِّى عَلَى السَّرِيرِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، مُضْطَجِعَةً، فَتَبْدُو لِى الْحَاجَةُ فَأَكْرَهُ أن أَجْلِسَ فَأُوذِى النَّبِى (ص)، فَأَنْسَلُّ مِنْ عِنْدِ رِجْلَيْهِ. (أخرجة البخارى فى: 8-كتاب الصلاة: 105-باب من قال لايقطع الصلاة شئ).
متن الحديث (13):
حديث أسامة بن زيد عن النبى(ص)،قال: "ما تركت بعدى فتنة أضر على الرجال من النساء".
الشرح والمناقشة (13):
فتنة المرأة أشد الفتن ضررًا على الرجل!! إنه بانى الحضارة والمجتمع وفاتح البلاد ومخلص العباد, أما المرأة فهى فتنة!! وهنا أورد شرح ذلك الحديث حسب ماجاء فى الأثر تاركًا للأخت المسلمة معرفة مكانتها الحقيقية فى عيون العلماء والفقهاء؛ مع الإ شارة إلى أن الاستشهاد بقولة تعالى فى الشرح الوارد لايفيد أن المرأة فتنة, وأن تلك الآية {زين للناس حب الشهوات من النساء...} تمثل نصًا مقدسًا إلا أن فهمها غير مقدس أبدا!
-ماتركت بعدى فتنة أضر على الرجال من النساء: فالفتنة بهن أشد من الفتنة بغيرهن. ويشهد لذلك قوله تعالى: {زين للناس حب الشهوات من النساء} فجعل الأعيان التى ذكرها, شهوات: حين أوقع الشهوات أولا مبهمًا, ثم بينها بالمذكورات. فعلم أن الأعيان هى عين الشهوات. فكأنه قيل: زين حب الشهوات التى هى النساء. فجُرِّد من النساء شئ يسمى شهوات. وهى نفس الشهوات. كأنه قيل: هذه الأشياء خلقت للشهوات والاستمتاع بها لاغير. لكن المقام يقتضى الذم. ولفظ الشهوة عند العارفين مسترذل. والتمتع بالشهوة نصيب البهائم. وبدأ بالنساء قبل بقية الأنواع,إشارة الى أنهن الأصل فى ذلك. وتحقيق كون الفتنة بهن أشد، أن الرجل يحب الولد لاجل المرأة. وكذا يحب الولد الذى أمه فى عصمته, ويرجحه على الولد الذى فارق أمه بطلاق أو وفاة, غالبًا. وقد قال مجاهد فى قوله تعالى: {أن من أزوجكم وأولادكم عدوا لكم}-قال: تحمل الرجل على قطيعة الرحم أو معصية ربه؛ فلا يستطيع من حبه إلا الطاعة. وقال بعض الحكماء: النساء شر كلهن, وأشر مافيهن عدم الاستغناء عنهن. ومع أنهن ناقصات عقل و دين, يحملن الرجل على تعاطى مافيه نقص العقل والدين؛ كشغله عن طلب أمور الدين, وحمله على التهالك على طلب الدنيا, وذلك أشد الفساد. ا. هـ. قسطلانى.
متن الحديث(14):
حديث جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، قال: تَزَوَّجْتُ. فَقَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ (ص): مَا تَزَوَّجْتَ؟ فَقُلْتُ: تَزَوَّجْتُ ثَيِّبًا. فَقَالَ: مَا لَكَ وَلِلْعَذَارَى وَلِعَابِهَا. فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، فَقَالَ عَمْرٌو: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ (ص): هَلا جَارِيَةً تُلاعِبُهَا وَتُلاعِبُكَ. (أخرجه البخارى فى: 67-كتاب النكاح: 10-باب تزويج الثيبات).
الشرح والمناقشة (14):
جاء ذلك الحديث فى مواضع (أبواب) عدة من صحيح البخارى وبروايات مختلفة لراو واحد. وبالرغم من تناقض متون روايات ذلك الحديث إلا أنها أكدت جميعها على عنصر مشترك فيما بينها وهو أن الرسول الكريم كان حريصًا كل الحرص على أن يعرف من الصحابى جابر بن عبد الله-راوى الأحاديث-فيما إذا كانت زوجته بكرا(عذراء) أم ثيبا.
وقد أسف الرسول لجابر الذى تزوج ثيبًا لأن تقبيل البكر يختلف تمامًا عن الثيب! ولنتابع هنا الشرح الوارد فى الأثر لذلك الحديث:
ما لك وللعذارى: أى الأبكار, ولعابها: مصدر من ملاعبة وروى ولعابها بضم اللام والمراد به الريق وفيه إشارة إلى مص لسانها ورشف شفتها وذلك يقع عند الملاعبة والتقبيل. هلا جارية تلاعبها وتلاعبك: تعليل لتزويج البكر لمافيه من الألفة التامة, فإن الثيب قد تكون متعلقة القلب بالزوج الأول, فلم تكن محبتها كاملة بخلاف البكر. ا. هـ.
أخيرًا أقول: أن نسب ذلك الحديث إلى الرسول الكريم وبهذه الطريقة غايته الأولى والأخيرة إرضاء رغبات وشهوات ونزوات المجتمع الذكورى على حساب سنة الرسول الذى لم يطبق ذلك على نفسه فى كل زيجاته-باستثناء السيدة عائشة.
متن الحديث(15):
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ: أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ (ص)، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! جِئْتُ لأهَبَ لَكَ نَفْسِى، فَنَظَرَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ (ص)، فَصَعَّدَ النَّظَرَ إِلَيْهَا وَصَوَّبَهُ، ثُمَّ طَأْطَأَ رَأْسَهُ؛ فَلَمَّا رَأَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ فِيهَا شَيْئًا جَلَسَتْ. فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أن لَمْ يَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ فَزَوِّجْنِيهَا. فَقَالَ: هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ؟ فَقَالَ: لا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: اذْهَبْ إلى أَهْلِكَ فَانْظُرْ هَلْ تَجِدُ شَيْئًا. فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ؛ فَقَالَ: لا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا وَجَدْتُ شَيْئًا. قَالَ: انْظُرْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ. فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: لا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلا خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ، وَلَكِنْ هَذَا إِزَارِى (قَالَ سَهْلٌ مَا لَهُ رِدَاءٌ) فَلَهَا نِصْفُهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ص): مَا تَصْنَعُ بِإِزَارِكَ؟ إن لَبِسْتَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا مِنْهُ شَيْءٌ، وَإِنْ لَبِسَتْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ شَيْءٌ. فَجَلَسَ الرَّجُلُ حَتَّى طَالَ مَجْلِسُهُ. ثُمَّ قَامَ، فَرَآهُ رَسُولُ اللَّهِ (ص) مُوَلِّيًا فَأَمَرَ بِهِ فَدُعِى، فَلَمَّا جَاءَ، قَالَ: مَاذَا مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ؟ قَالَ: مَعِى سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا؛ عَدَّهَا. قَالَ: أَتَقْرَؤُهُنَّ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: اذْهَبْ فَقَدْ مَلَّكْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ. (أخرجة البخارى فى: 66-كتاب فضائل القرآن: 22-باب القرائة عن ظهر قلب).
الشرح والمناقشة(15):
أن تهب المرأة نفسها للرجل أمر يعود إليها, وهو حق كان يختص به النبى دون غيره والمؤمنين (كما فى حقه فى الفئ والغنائم.....) وقد استنكرت السيدة عائشة مثل ذلك التصرف من أية امرأة حسب ماورد فى الأثر, إلا أن مايهمنا فى ذلك الحديث هو العبارة الأخيرة التى نسبت للرسول الكريم وهى: " اذهب فقد ملكتها بما معك من قرآن" فهل المرأة متاع أو شئ, أو حيوان يملك؟! ولماذا لاتقبل الفتاة المسلمة اليوم خاتم حديد أو رجلا يحفظ بعض آيات الذكر الحكيم لتطبق سنة الرسول بذلك؟ أخيرًا فقد وردت أحاديث أخرى تفيد أن الرسول انتقى بل أخذ صفية بنت حيى سيدة قريظة والنضير من الصحابى دحية وجعلها زوجة له (راجع البخارى-8 كتاب الصلاة).
متن الحديث(16):
حديث أُمِّ حَبِيبَةَ، وزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، وأُمَّ سَلَمَةَ؛ أزواج النبى (ص)، وزَيْنَبُ ابنة أبى سَلَمَةَ، قَالَتْ زَيْنَبُ: دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ حَبِيبَةَ حِينَ تُوُفِّى أَبُوهَا، أبو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، فَدَعَتْ أم حَبِيبَةَ بِطِيبٍ فِيهِ صُفْرَةٌ، خَلُوقٌ أو غَيْرُهُ، فَدَهَنَتْ مِنْهُ جَارِيَةً، ثُمَّ مَسَّتْ بِعَارِضَيْهَا، ثُمَّ قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا لِى بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ، غَيْرَ أَنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (ص)، يَقُولُ: لا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أن تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاثِ لَيَالٍ، إِلا عَلَى زَوْجٍ؛ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا.
قَالَتْ زَيْنَبُ: فَدَخَلْتُ عَلَى زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، حِينَ تُوُفِّى أَخُوهَا، فَدَعَتْ بِطِيبٍ فَمَسَّتْ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَتْ: أَمَا وَاللَّهِ مَا لِى بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ، غَيْرَ أَنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (ص) يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ: لا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أن تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاثِ لَيَالٍ، إِلا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا.
قَالَتْ زَيْنَبُ: وَسَمِعْتُ أُمَّ سَلَمَةَ تَقُولُ: جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلى رَسُولِ اللَّهِ (ص)، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إن ابْنَتِى تُوُفِّى عَنْهَا زَوْجُهَا، وَقَدْ اشْتَكَتْ عَيْنَهَا، أَفَتَكْحُلُهَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ص): لا. مَرَّتَيْنِ أو ثَلاثًا، كُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ: لا. ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ص): إِنَّمَا هِى أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ، وَقَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ فِى الْجَاهِلِيَّةِ تَرْمِى بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ.
قَالَ حُمَيْدٌ(الراوى عن زينب) فَقُلْتُ لِزَيْنَبَ: وَمَا تَرْمِى بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ؟
فَقَالَتْ زَيْنَبُ: كَانَتْ الْمَرْأَةُ إذا تُوُفِّى عَنْهَا زَوْجُهَا، دَخَلَتْ حِفْشًا وَلَبِسَتْ شَرَّ ثِيَابِهَا، وَلَمْ تَمَسَّ طِيبًا حَتَّى تَمُرَّ بِهَا سَنَةٌ. ثُمَّ تُؤْتَى بِدَابَّةٍ حِمَارٍ أو شَاةٍ أو طَائِرٍ فَتَفْتَضُّ بِهِ، فَقَلَّمَا تَفْتَضُّ بِشَيْءٍ إِلا مَاتَ، ثُمَّ تَخْرُجُ فَتُعْطَى بَعَرَةً فَتَرْمِى، ثُمَّ تُرَاجِعُ بَعْدُ مَا شَاءَتْ مِنْ طِيبٍ أو غَيْرِهِ.
سُئِلَ مَالِكٌ (أحد رجال السند) مَا تَفْتَضُّ بِهِ؟ قَالَ تَمْسَحُ بِهِ جِلْدَهَا. (أخرجه البخارى فى: 68-كتاب الطلاق: 46-باب تحد المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرا).
الشرح والمناقشة(16):
كما نرى فالحديث ترويه زينب بنت أبى سلمة ويتألف من ثلاثة مقاطع رئيسة؛ فى كل مقطع تثبت فيه إحدى زوجات النبى أنه يتوجب على المرأة أن تحد على زوجها-أربعة أشهر وعشرا-دون غيره من الأقارب والأحباب.
فالسيدة أم حبيبة تتطيب بالخلوق (الطيب) بعد وفاة أبيها أبى سفيان تطبيقًا لذلك الحديث. وكذلك تفعل السيدة زينب بنت حجش ولكن بعد وفاة أخيها.
أما السيدة أم سلمة فتقول رواية مفادها: أن امرأة مات زوجها فاشتكت من عينيها وأرادت معالجتها بالكحل فمنعها الرسول من ذلك مرتين أو ثلاثا؛ علما أن الكحل هو العلاج السائد آنذاك! وجاء فى نهاية الحديث عبارة هى "كانت إحداكن ترمى بالبعرة على رأس الحول".
ويبين حميد-راوى الحديث عن زينب-المقصود برمى البعرة على رأس الحول وأقوم هنا بدورى بشرح تبيان حميد:
(فالبعرة) هى رجيع (وسخ) ذى الخف والظلف, أما (الحفش) فهو بيت صغير جدًا-من الشعر-تدخله المرأة التى مات عنها زوجها-فى الجاهلية-فلا تمس ماء, ولا تقلم ظفرًا ولاتزيل شعرًا ثم تخرج بعد الحول بأقبح منظر (لتفتض) تكسر ما هى فيه من العدة بحيوان أو طائر تمسح به قُبلها وتنبذه فلا يكاد يعيش مايفتض به, ثم ترمى بعد ذلك البعرة معلنة نهاية حدادها!!
وهكذا يبدو من الحديث أنه لايحق لامرأة أن تحزن على ابنها أو ابنتها أو أخيها أو أمها...إلخ.... إلا ثلاثة أيام فقط!! لايحل أكثر من ثلاثة أيام!! وكأن المشاعر والأحساسيس والعواطف الأنسانية تحدد بيوم وليلة!! وكأن العطر أو الكحل أو اللباس يخفف من الحزن أو يزيد منه. كما أن ماجاء فى كتاب الله من حكم العدة خفف عن المرأة مدة سجنها وأسرها-فى الجاهلية-من سنة(حول) إلى أربعة أشهر وعشرة أيام.
ولعل العرب-قبل الإسلام-قد خففوا بذلك عن المرأة فى الشرق الاقصى التى كانت تدفن مع زوجها حية؛ وجاء الإسلام ليخفض الحول (العام) إلى أقل من ذلك؛ واليوم مع تطورات الغرب خفف عن المرأة أيضًا حيث أصبحت عدتها تنتهى بساعات مع نهاية حصولها على نتائج تحليل حملها المخبرى.
وأخيرًا فإن ذلك-إن صح-طبقه النبى على أناس معينين فى زمان ومكان معينين, فلا يمكن لرسول الرحمة أن يمنع امرأة من علاج عينيها بحجة الحداد على زوجها!! إلا أن يكون عارفًا بكذب أو خداع أو عدم حسن نوايا تلك المرأة فأمرها بما ينسجم مع حالها ولاينطبق علينا اليوم.
أما قصة البعرة والحول فهى من اجتهادات الراوى أو الناقل ولا علاقة لرسولنا الكريم بتلك العادات الذكورية البائدة.
النتيجة:
المرأة دون الرجل حسب صحيح البخارى كما رأينا فى الأحاديث السابقة. وقد روى أو هريرة الكثر من تلك الأحاديث ونسبها إلى الرسول الكريم. وإننى إذ أرى فى أبى هريرة-بكل حيادية وموضوعية-وبعد دراسة سيرته وشخصيته وحياته, رجلا مليئا بالعقد والأمراض النفسية الناجمة عن مظهره ونشأته وأصوله والتى عبر عنها بهجومه على المرأة أحيانا, وعلى بعض الصحابة أحيانًا وبوقوفه مع بعض الخلفاء أحيانًا أخرى, فإن القرآن الكريم قد خالف كل ماجاء عن المرأة فى تلك الأحاديث كما يلى:
كل ماجاء عن المرأة فى تلك الأحاديث كما يلى:
1-إن آية القوامة التى يحتج بها أصحاب الفكر الذكورى-مؤيدو الأحاديث السابقة, وهى:
{الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما انفقوا من اموالهم}(النساء-34). نلاحظ فيها أن الله قال (بعضهم على بعض) ولم يقل (بعضهم على بعضهن) (نون النسوة) مما يبين أن التفضيل قائم بين كافة أفراد البشر ذكورًا وإناثا, وهو يأتى من العمل والعلم والتطور وغيره.
والقوامة تأتى من الإنفاق المادى (المال) ولا علاقة لها بتميز الرجل عن المرأة, فاليد العليا هى صاحبة القوامة دائما. وعندما أعمل بشركة تمتلكها سيدة تصبح صاحبة القوامة علىَّ لأن مصدر دخلى منها.
2-آية الشهادة {.. وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل احداهما فتذكر إحداهما الاخرى} (البقرة282). مشروطة بقوله تعالى{أن تضل إحداهما} وعليه فإذا لم تضل إحداهما عندئذ يكتفى بامرأة واحدة وينتفى الشرط فى الآية, وهذا هو الحال اليوم, فقد كانت المرأة سابقا-بشكل عام-لا تعمل ولاتهتم فى الأمور المعيشية خارج نطاق بيتها وأسرتها, لذلك كانت معرضة للسهو والنسيان والخطأ فى تقييم الأمور المادية المتعلقة بالتجارة والصناعة وغيرها, أما اليوم فهى معلمة ومهندسة وطبيبة وعالمة وقاضية!! وعليه فإنها لن تضل بشهادتها بإذن الله.
وهنا يطرح السؤال التالى على المرأة المسلمة الملتزمة حصرا: هل تقبل المرأة أن تتقاضى فى عملها المهنى مهما كان (عاملة، معلمة، مهندسة، طبيبة...) نصف أجر الرجل؟!
وهل تعتبر ذلك تطبيقًا لحكم الله-عز وجل-وسنة رسوله؟! وأذكر هنا أن دية المرأة هو (ما يدفع لأهل المقتوله خطأ) هى نصف دية الرجل حسب رأى الفقهاء والسادة العلماء الأفاضل، فهل تقبل المرأة بذلك.(2)
3-أورد أخيرًا بعض آيات من الذكر الحكيم تبين مكانة المرأة عند خالقها ومبدعها حيث يقول تعالى {يهب لمن يشاء اناثًا ويهب لمن يشاء الذكور} (الشورى-49).
وكما نجد فالهبة عطاء محبة وتقدير حيث يقال أهبك مالا أهبك حبا... ونجد أن الله قدم الإناث على الذكور فى هبته لما فى الأنثى من خير وعطاء للأبوين يفوق عطاء الذكور فى كثير من الأحيان وإن رأى العامة غير ذلك!
وفى قوله تعالى: {وليس الذكر كالأنثى} (آل عمران-36). نلاحظ أن المستثنى أولا (الذكر) هو الأقل مكانة أو قيمة من الثانى (الأنثى) كما فى قوله تعالى: {وليس الأعمى كالبصير} حيث البصير أفضل من الأعمى.
ولابد من الإشارة فى نهاية هذا الفصل إلى أن ما يسمى بالحجاب الشرعى هو أهم ما يأسر المرأة المسلمة اليوم ويجعلها بعيدة عن العمل والحياة والمجتمع وممارسة الحقوق، وقد يصل إلى حد جعلها حبيسة بيتها-بحجة أنها كلها عورة من صوتها إلى أخمص قدمها-لا يوجد أى حديث فى صحيح البخارى يصفه أو يتحدث عنه؛ علما أن الحجاب فى اللغة هو الساتر (الحاجز) وليس غطاء الرأس بأى حال من الأحوال!
وان الحديث الذى روى عن النبى (ص) فى ذلك هو:
"لا يصلح لامرأة عركت أن يظهر منها إلا هذا وهذا وأشار إلى وجهه وكفيه". (أخرجه أبو داوود فى سننه)
هو حديث آحاد رواه خالد بن دريك عن عائشة مع أنه لم يعاصرها ولم يرها قط. وإذا كان فى صحيح البخارى-أصح كتب الحديث عند أهل السنة-الكثير من التناقض والأخطاء التى رأينا جزءًا منها فى كتابنا فما بالنا بسنن أبى داوود التى لم تعن بصحة الإسناد أو سلامة المتن!! علما أن أحاديث الآحاد لا يؤخذ بها فى أمور العقيدة والحدود ويعمل بها على سبيل الاستئناس.(3)
كما أن الحديث السابق يتعارض مع حديث آخر ورد فى سنن أبى داوود أيضًا وهو حديث آحاد جاء فيه لا تقبل صلاة الحائض إلا بخمار.
حيث نجد أن الخمار يلزم للمرأة أثناء صلاتها فقط-بعد سن البلوغ، كما أن مفهوم عبارة أشار إلى هذا وهذا فى الحديث السابق الأول مفهوم ضبابى وغير واضح، وإن المرء ليتسائل لماذا أشار النبى (ص) ولم يقل صراحة؟!
أما فيما يتعلق بما جاء فى الذكر الحكيم فى سورتى النور والأحزاب(4)-فيما اعتبر فرضًا لما سمى الحجاب-فإن فهم مفردات آياتها وربطها بمناسبات نزولها وبتطبيق الخلفاء لها لا يظهر أى فرض للحجاب. كما أنه لا يوجد أى عقوبة تتوعد المرأة التى تستغنى عنه.
أخيرًا أنهى هذا الفصل بأبيات للشاعرة الدكتورة سعاد الصباح التى تعبر عن حال المرأة المسلمة على لسان امرأة عربية واعية لحاضرها ومستقبلها صادقة فى مشاعرها:
1-لا تنتقد خجلى الشديد فإننى درويشة جدًا وأنت خبير
2-خذنى بكل بساطتى وطفولتى أنا لم أزل أحبو وأنت كبير
3-يا واضع التاريخ تحت سريره يا أيها المتشاوف المغرور
4-يا ثابت الأعصاب إنك ثابت وأنا على ذاتى أدور وأدور
5-الأرض تحتى دائما محروقة والأرض تحتك مخمل وحرير
6-فرق كبير بيننا يا سيدى فأنا محافظة وأنت جسور
7-وأنا مقيدة وأنت تطير وأنا محجبة وأنت بصير
8-فرق كبير بيننا يا سيدى فأنا الحضارة والطغاة ذكور
الهوامش
(1) (من دعاها زوجها فأبت لعنتها الملائكة حتى تصبح).
(2) راجع: فقه السنة المصدر سابق.
(3) يراجع: أصول الفقه الإسلامى، زكريا البرى؛ الإسلام عقيدة وشريعة، الإمام محمد شلتوت.
(4) هاتان السورتان من السور المدنية، والحديث الوارد أعلاه قيل قبل هجرة الرسول إلى المدينة لأسماء بنت أبى بكر فى مكة!
الفصل السابع
البخارى ومجموعة متناقضات
توطئة: كثيرة هى المتناقضات فى الأحاديث الواردة فى صحيح البخارى، وقبل أن استعرض أمثلة يسيرة منها أبين مصطلح المتناقضات المستخدم فى عنوان هذا الفصل.
فالتناقض قد يكون فى مضمون الحديث نفسه-متنه-أو فى معناه(1) أو تناقله أو أسلوبه, أو فى تناقض مدلوله ومفهومه مع الذكر الحكيم أو مع معطيات العلم أو المنطق الصورى أو القوانين والاعراف الاجتماعية السائدة أو الذوق العام أو غير ذلك من الامور0
متن الحديث(1):
حديث أبى هريرة، قال: قال النبى (ص): "نِعْمَ ما لأحدهم يُحسن عبادة ربه، وينصح لسيده". (أخرجة البخارى فى: 49-كتاب العتق: 16-باب العبد إذا أحسن عبادة به ونصح سيده).
متن الحديث(2):
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ص): لِلْعَبْدِ الْمَمْلُوكِ الصَّالِحِ أَجْرَانِ. وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ، لَوْلا الْجِهَادُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَالْحَجُّ وَبِرُّ أُمِّى لأَحْبَبْتُ أن أَمُوتَ وَأَنَا مَمْلُوكٌ.
الشرح والمناقشة (1)-(2):
يبين الحديثان أن العبد المملوك يتساوى أجره فى عبادة ربه مع أجره فى خدمة سيده بل ويمتدح الرسول العبد(بقوله نِعْمَ) ويتبنى أبو هريرة-بل ويحض على العبودية!
وهذا ما لايقبل اليوم أبدًا لأن حرية الإنسان أصبحت الحياة الإنسانية ذاتها, فبدون الحرية على مختلف صعدها, بدءًا من الرق(عبودية الإنسان) وانتهاء بحرية الاختيار والتعبير, لاتقوم المجتمعات الإنسانية السوية والمتحضرة.
ولئن كان الإسلام لم يفرض العبودية-حيث عرفت فى التاريخ قبله-إلا أنه لم تصلنا نصوص فى صحيح البخارى تمنعه أو تحرِّمه, فى حين وصلتنا أحاديث تعاقب بشدة من لا يستنزه من بوله أو من لايغسل كعبيه جيدًا قبل الصلاة!!
متن الحديث(3):
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ (ص) يَقُولُ: مَنْ قَذَفَ مَمْلُوكَهُ، وَهُوَ بَرِيءٌ مِمَّا قَالَ، جُلِدَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلا أن يَكُونَ كَمَا قَالَ. (أخرجه البخارى فى: 86-كتاب الحدود: 45-باب قذف العبيد)0
الشرح والمناقشة(3):
الحديث يظهر أن السيد لايحتاج إلى أربعة شهود لقذف مملوكه(عبده) وأن عقوبته ليست فى الحياة الدنيا؛ إنما هى فى الدار الآخرة؛ بالجلد فقط لا بدخول جهنم علما أن القذف الكاذب للملوك يمكن أن تصل عقوبته إلى الموت؛ وهنا تبدو قمة الانحياز الاجتماعى والتمييز العنصرى بين السيد ومملوكه.
متن الحديث(4):
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ،عَنْ النَّبِى (ص) قَالَ: فُقِدَتْ أُمَّةٌ مِنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ لا يُدْرَى مَا فَعَلَتْ، وَإِنِّى لا أُرَاهَا إِلا الْفَأرَ، إذا وُضِعَ لَهَا أَلْبَانُ الإبِلِ لَمْ تَشْرَبْ؛ وَإِذَا وُضِعَ لَهَا أَلْبَانُ الشَّاءِ شَرِبَتْ. فَحَدَّثْتُ كَعْبًا فَقَالَ: أَنْتَ سَمِعْتَ النَّبِى (ص) يَقُولُهُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ لِى مِرَارًا. فَقُلْتُ: أَفَأَقْرَأُ التَّوْرَاةَ؟. (أخرجه البخارى عى: 59-كتاب بدء الخلق: 15-باب خير مالل المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال).
الشرح والمناقشة(4):
الحديث يبين أن أصل الفأر هو أمة من بنى اسرائيل كما يؤكد أبو هريرة؛ وكما يؤكده الشرح التالى الوارد فى الأثر؛ ونترك للقارئ حرية الاستنتاج والقبول!
أمة: أى طائفة. لاأراها: أى لا أظنها. إذا وضع لها ألبان الإبل لم تشرب: لأن لحوم الإبل وألبانها حرمت على بنى إسرائيل. وإذا وضع لها ألبان الشاء شربت. الشاء أى الغنم. وشربت لأنها حلال لهم كلحمها. وهو دليل على المسخ. فحدثت كعبا: هو كعب الأحبار. أفأقرأ التوراه: بهمزة الاستفهام الإنكارى وقد اختلف فى الممسوخ هل يكون له نسل أم لا. فذهب أبو إسحاق الزجَّاج وابن العربى وأبو بكر إلى أن الموجود من القردة من نسل الممسوخ، تمسكًا بحديث الباب. وقال الجمهور: لا. وهو المعتمد لحديث ابن مسعود عند مسلم مرفوعًا " أن الله لم يهلك قومًا،أو يعذب قومًا فيجعل لهم نسلا ".
متن الحديث (5):
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ،قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ص): "قَالَ اللَّهُ: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِى الصَّالِحِينَ مَا لا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ. فَاقْرَءُوا أن شِئْتُمْ-فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِى لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ". (أخرجه البخارى فى 59-كتاب بدء الخلق: 8-باب ما جاء فى صفة الجنة وانها مخلوقة).
الشرح والمناقشة (5):
يبين الحديث أن فى الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب البشر؛ إلا أن أبا هريرة سرعان ما يناقض ذلك فيصف لنا شجرة فى الجنة يسير الراكب فى ظلها مائة عام لا يقطعها(2)!!
كذلك فإنه يمكننا أن نرى الجنة ما بين منبر الرسول وبيته حسب ما ورد فى صحيح البخارى "ما بين بيتى ومنبرى روضة من رياض الجنة "!
متن الحديث (6):
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِى (ص) قَالَ: لَمْ يَتَكَلَّمْ فِى الْمَهْدِ إِلا ثَلاثَةٌ عِيسَى.
وَكَانَ فِى بَنِى إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ جُرَيْجٌ، كَانَ يُصَلِّى. جَاءَتْهُ أُمُّهُ فَدَعَتْهُ، فَقَالَ: أُجِيبُهَا أو أُصَلِّى؟ فَقَالَتْ: اللَّهُمَّ لا تُمِتْهُ حَتَّى تُرِيَهُ وُجُوهَ الْمُومِسَاتِ. وَكَانَ جُرَيْجٌ فِى صَوْمَعَتِهِ، فَتَعَرَّضَتْ لَهُ امْرَأَةٌ وَكَلَّمَتْهُ، فَأَبَى. فَأَتَتْ رَاعِيًا، فَأَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا، فَوَلَدَتْ غُلامًا. فَقَالَتْ: مِنْ جُرَيْجٍ. فَأَتَوْهُ فَكَسَرُوا صَوْمَعَتَهُ، وَأَنْزَلُوهُ، وَسَبُّوهُ. فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى. ثُمَّ أَتَى الْغُلامَ. فَقَالَ: مَنْ أَبُوكَ يَا غُلامُ؟ قَالَ: الرَّاعِى. قَالُوا: نَبْنِى صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ. قَالَ: لا. إِلا مِنْ طِينٍ!!...... وَكَانَتْ امْرَأَةٌ تُرْضِعُ ابْنًا لَهَا، مِنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ، فَمَرَّ بِهَا رَجُلٌ رَاكِبٌ ذُو شَارَةٍ. فَقَالَتْ: اللَّهُمَّ! اجْعَلْ ابْنِى مِثْلَهُ. فَتَرَكَ ثَدْيَهَا وَأَقْبَلَ عَلَى الرَّاكِبِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ لا تَجْعَلْنِى مِثْلَهُ. ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى ثَدْيِهَا يَمَصُّهُ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: كَأَنِّى أَنْظُرُ إلى النَّبِى (ص)، يَمَصُّ إِصْبَعَهُ. ثُمَّ مُرَّ بِأَمَةٍ، فَقَالَتْ: اللَّهُمَّ لا تَجْعَلْ ابْنِى مِثْلَ هَذِهِ. فَتَرَكَ ثَدْيَهَا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِى مِثْلَهَا. فَقَالَتْ: لِمَ ذَاكَ؟ فَقَالَ: الرَّاكِبُ جَبَّارٌ مِنْ الْجَبَابِرَةِ وَهَذِهِ الأمَةُ يَقُولُونَ: سَرَقْتِ، زَنَيْتِ، وَلَمْ تَفْعَلْ. (أخرجه البخارى فى: 60-كتب الانبياء: 48-باب واذكر فى الكتاب مريم).
الشرح والمناقشة (6):
الحديث يضيف-حسب أبى هريرة-إلى معجزة سيدنا عيسى-عليه السلام-فى الذكر الحكيم معجزتين لرضيعين من بنى اسرائيل تكلما وهما فى المهد؛ وهو ما يجب علينا تصحيحه لأهل الكتاب عامة. ونورد هنا للأخ القارئ شرح ذلك الحديث حسب ما جاء فى الأثر لمعرفة فوائده وأن المعجزات ليست حكرًا على الرسل والأنبياء فقط وبابها مفتوح دائما للأولياء والصالحين-وإن خالف العلم والعقل.
المهد: هو ما يهيأ للصبى أن يربى فيه. المومسات أى الزوانى البغايا المتجاهرات بذلك. والواحدة مومسة: وتجمع مياميس أيضًا. صومعته: الصومعة نحو المنارة، ينقطعون فيها عن الوصول إليهم والدخول عليهم. وكلمته: أن يواقعها. فأمكنته من نفسها: فواقعها فحملت منه. إلا من طين: كما كانت. ذو شارة: صاحب حسن أو هيئة، أو ملبس حسن يتعجب منه ويشار إليه. قال الإمام النووى (وفى حديث جريج هذا فوائد كثيرة: منها عظم بر الوالدين وتأكد حق الأم، وأن دعائها مجاب، وأنه إذا تعارضت الأمور بدئ بأهمها. وأن الله تعالى يجعل لأوليائه مخارج عن ابتلائهم بالشدائد، غالبا. قال الله تعال: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا}-وقد يجرى عليهم الشدائد بعض الأوقات زيادة فى أحوالهم وتهذيبًا لهم، فيكون لطفًا. ومنها استحباب الوضوء للصلاة عند الدعاء بالمهمات. ومنها إثبات كرامة الأولياء وهو مذهب أهل السنة. وفيه أن كرامة الأولياء تقع باختيارهم وطلبهم وهذا هو الصحيح عند أصحابنا المتكلمين).
متن الحديث (7):
حديث أَبُو ذَرٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ص) قَالَ: فُرِجَ عَنْ سَقْفِ بَيْتِى وَأَنَا بِمَكَّةَ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ فَفَرَجَ صَدْرِى، ثُمَّ غَسَلَهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا فَأَفْرَغَهُ فِى صَدْرِى، ثُمَّ أَطْبَقَهُ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِى فَعَرَجَ بِى إلى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَلَمَّا جِئْتُ إلى السَّمَاءِ الدُّنْيَا قَالَ جِبْرِيلُ لِخَازِنِ السَّمَاءِ افْتَحْ، قَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا جِبْرِيلُ. قَالَ: هَلْ مَعَكَ أَحَدٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، مَعِى مُحَمَّدٌ (ص)، فَقَالَ: أوَأُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ؛ فَلَمَّا فَتَحَ عَلَوْنَا السَّمَاءَ الدُّنْيَا فَإِذَا رَجُلٌ قَاعِدٌ، عَلَى يَمِينِهِ أَسْوِدَةٌ وَعَلَى يَسَارِهِ أَسْوِدَةٌ، إِذَا نَظَرَ قِبَلَ يَمِينِهِ ضَحِكَ، وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ يَسَارِهِ بَكَى، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِى الصَّالِحِ وَالابْنِ الصَّالِحِ، قُلْتُ لِجِبْرِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَال: هَذَا آدَمُ، وَهَذِهِ الأسْوِدَةُ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ نَسَمُ بَنِيهِ؛ فَأَهْلُ الْيَمِينِ مِنْهُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ، وَالأسْوِدَةُ الَّتِى عَنْ شِمَالِهِ أَهْلُ النَّارِ، فَإِذَا نَظَرَ عَنْ يَمِينِهِ ضَحِكَ وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ شِمَالِهِ بَكَى، حَتَّى عَرَجَ بِى إلى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ، فَقَالَ لِخَازِنِهَا: افْتَحْ فَقَالَ لَهُ خَازِنِهَا مِثْلَ مَا قَالَ الأوَّلُ، فَفَتَحَ.
قَالَ أَنَسٌ: فَذَكَرَ أَنَّهُ وَجَدَ فِى السَّمَوَاتِ آدَمَ وَإِدْرِيسَ وَمُوسَى وَعِيسَى وَإِبْرَاهِيمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يُثْبِتْ كَيْفَ مَنَازِلُهُمْ، غَيْرَ أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ وَجَدَ آدَمَ فِى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، وَإِبْرَاهِيمَ فِى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ. قَالَ أَنَسٌ: فَلَمَّا مَرَّ جِبْرِيلُ بِالنَّبِى (ص) بِإِدْرِيسَ، قَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِى الصَّالِحِ وَالأخِ الصَّالِحِ. فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا إِدْرِيسُ. ثُمَّ مَرَرْتُ بِمُوسَى فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِى الصَّالِحِ وَالأخِ الصَّالِحِ؛ قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا مُوسَى. ثُمَّ مَرَرْتُ بِعِيسَى، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالأخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِى الصَّالِحِ؛ قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا عِيسَى. ثُمَّ مَرَرْتُ بِإِبْرَاهِيمَ فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِى الصَّالِحِ وَالابْنِ الصَّالِحِ؛ قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ هَذَا إِبْرَاهِيمُ (ص).
ثُمَّ عُرِجَ بِى حَتَّى ظَهَرْتُ لِمُسْتَوَى أَسْمَعُ فِيهِ صَرِيفَ الأقْلامِ، فَفَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى أُمَّتِى خَمْسِينَ صَلاةً، فَرَجَعْتُ بِذَلِكَ حَتَّى مَرَرْتُ عَلَى مُوسَى، فَقَالَ: مَا فَرَضَ اللَّهُ لَكَ عَلَى أُمَّتِكَ؟ قُلْتُ: فَرَضَ خَمْسِينَ صَلاةً. قَالَ: فَارْجِعْ إلى رَبِّكَ فَإِنَّ أُمَّتَكَ لا تُطِيقُ ذَلِكَ، فَرَاجَعْتُ، فَوَضَعَ شَطْرَهَا فَرَجَعْتُ إلى مُوسَى قُلْتُ، وَضَعَ شَطْرَهَا؛ فَقَالَ: رَاجِعْ رَبَّكَ فَإِنَّ أُمَّتَكَ لا تُطِيقُ. فَرَاجَعْتُ فَوَضَعَ شَطْرَهَا. فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ: ارْجِعْ إلى رَبِّكَ فَإِنَّ أُمَّتَكَ لا تُطِيقُ ذَلِكَ. فَرَاجَعْتُهُ فَقَالَ: هِى خَمْسٌ وَهِى خَمْسُونَ- لا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَى- فَرَجَعْتُ إلى مُوسَى فَقَالَ: رَاجِعْ رَبَّكَ. فَقُلْتُ: اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِّى. ثُمَّ انْطَلَقَ بِى حَتَّى انْتَهَى بِى إلى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، وَغَشِيَهَا أَلْوَانٌ لا أَدْرِى مَا هِى. ثُمَّ أُدْخِلْتُ الْجَنَّةَ فَإِذَا فِيهَا حَبَايِلُ اللُّؤْلُؤِ، وَإِذَا تُرَابُهَا الْمِسْكُ. (أخرجه البخارى فى: 8-كتاب الصلاة: 1-باب كيف فرضت الصلاة: فى الاسراء).
الشرح والمناقشة (7):
لذلك الحديث أكثر من متن تتحدث جميعها عن إسراء وعروج الرسول إلى السموات وفرض الصلوات، وكما هو الحال فى كثير من أحاديث البخارى-فإن المعطيات تختلف بين متن واخر.
ففى الحديث المذكور آنفًا (7) نجد أن الملك جبريل ينزل ويقوم بشق صدر الرسول،بينما يقوم ملكان أو رجلان فى أحاديث أخرى بتلك المهمة يفرغان طستًا من الذهب مملوء بالحكمة والإيمان فى صدر النبى. وبينما يأخذ جبريل بيده نجده فى حديث آخر يركب البراق-دابة بيضاء دون البغل وفوق الحمار حسب تعريفها فى الحديث الآخر-بينما يقابل من الرسل والأنبياء آدم وإدريس وموسى وعيسى وإبراهيم، يضيف إليهم فى حديث آخر يحيى ويوسف وهارون، وبينما يقابل إبراهيم فى السماء السادسة فيجده فى موضع آخر يقابلة فى السابعة ويقابل موسى فى السادسة، وبينما يسمع صريف الأقلام نجده فى حديث آخر يرى ويصف ما فى الجنة-علما أن فى الجنة مالا عين رأت ولا أذن سمعت.... وإلى غير ذلك من التناقض فى اللفظ والمعنى.
إلا أن ما يهمنا فى متن الحديث الوارد سابقًا هو أن موسى-عليه السلام-قد صحح لربه-الله عز وجل-فى عدد الصلاة المفروضة فخفضها-بعد عدة محاولات-من خمسين إلى خمسة فروض.
وهنا يحق لكل عاقل أن يسأل: هل يعلم الرسول موسى أو غيره بأمور العباد أكثر من خالقهم ومبدعهم؟!
وكيف كان أحدنا سيجد الوقت الكافى ليصلى فى اليوم خمسين صلاة؛ لو لم يتدخل موسى ليصحح عددها ويخفف عنا؟!!
متن الحديث (8):
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ص)، أُتِى بِلَحْمٍ، فَرُفِعَ إِلَيْهِ الذِّرَاعُ وَكَانَتْ تُعْجِبُهُ، فَنَهَسَ مِنْهَا نَهْسََةً ثُمَّ قَالَ: أَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَهَلْ تَدْرُونَ مِمَّ ذَلِكَ؟ يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ الأوَّلِينَ وَالآخِرِينَ فِى صَعِيدٍ وَاحِدٍ، يُسْمِعُهُمْ الدَّاعِى، وَيَنْفُذُهُمْ الْبَصَرُ، وَتَدْنُو الشَّمْسُ فَيَبْلُغُ النَّاسَ مِنْ الْغَمِّ وَالْكَرْبِ مَا لا يُطِيقُونَ وَلا يَحْتَمِلُونَ، فَيَقُولُ النَّاسُ أَلا تَرَوْنَ مَا قَدْ بَلَغَكُمْ؟ أَلا تَنْظُرُونَ مَنْ يَشْفَعُ لَكُمْ إلى رَبِّكُمْ؟ فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ لِبَعْضٍ، عَلَيْكُمْ بِآدَمَ، فَيَأْتُونَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلام؛ فَيَقُولُونَ لَهُ أَنْتَ أبو الْبَشَرِ، خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَأَمَرَ الْمَلائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ، اشْفَعْ لَنَا إلى رَبِّكَ، أَلا تَرَى إلى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ أَلا تَرَى إلى مَا قَدْ بَلَغَنَا؟ فَيَقُولُ آدَمُ: إِنَّ رَبِّى قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنَّهُ قَدْ نَهَانِى عَنْ الشَّجَرَةِ فَعَصَيْتُهُ، نَفْسِى! نَفْسِى! نَفْسِى!؛ اذْهَبُوا إلى غَيْرِى، اذْهَبُوا إلى نُوحٍ. فَيَأْتُونَ نُوحًا فَيَقُولُونَ يَا نُوحُ! إِنَّكَ أَنْتَ أَوَّلُ الرُّسُلِ إلى أَهْلِ الأرض، وَقَدْ سَمَّاكَ اللَّهُ عَبْدًا شَكُورًا، اشْفَعْ لَنَا إلى رَبِّكَ، أَلا تَرَى إلى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ فَيَقُولُ: إن رَبِّى عَزَّ وَجَلَّ قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ؛ وَإِنَّهُ قَدْ كَانَتْ لِى دَعْوَةٌ دَعَوْتُهَا عَلَى قَوْمِى، نَفْسِى! نَفْسِى! نَفْسِى! اذْهَبُوا إلى غَيْرِى، اذْهَبُوا إلى إِبْرَاهِيمَ. فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ، فَيَقُولُونَ: يَا إِبْرَاهِيمُ! أَنْتَ نَبِى اللَّهِ وَخَلِيلُهُ مِنْ أَهْلِ الأرض اشْفَعْ لَنَا إلى رَبِّكَ، أَلا تَرَى إلى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ فَيَقُولُ لَهُمْ: إن رَبِّى قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ؛ وَإِنِّى قَدْ كُنْتُ كَذَبْتُ ثَلاثَ كَذِبَاتٍ، نَفْسِى! نَفْسِى! نَفْسِى! اذْهَبُوا إلى غَيْرِى، اذْهَبُوا إلى مُوسَى. فَيَأْتُونَ مُوسَى فَيَقُولُونَ: يَا مُوسَى! أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ فَضَّلَكَ اللَّهُ بِرِسَالَتِهِ وَبِكَلامِهِ عَلَى النَّاسِ، اشْفَعْ لَنَا إلى رَبِّكَ، أَلا تَرَى إلى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ فَيَقُولُ: أن رَبِّى قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ؛ وَإِنِّى قَدْ قَتَلْتُ نَفْسًا لَمْ أُومَرْ بِقَتْلِهَا، نَفْسِى! نَفْسِى! نَفْسِى! اذْهَبُوا إلى غَيْرِى، اذْهَبُوا إلى عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ. فَيَأْتُونَ عِيسَى فَيَقُولُونَ: يَا عِيسَى أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ وَكَلَّمْتَ النَّاسَ فِى الْمَهْدِ صَبِيًّا، اشْفَعْ لَنَا إلى رَبِّكَ، أَلا تَرَى إلى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ فَيَقُولُ عِيسَى: إِنَّ رَبِّى قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ قَطُّ وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ؛ وَلَمْ يَذْكُرْ ذَنْبًا! نَفْسِى! نَفْسِى! نَفْسِى! اذْهَبُوا إلى غَيْرِى، اذْهَبُوا إلى مُحَمَّدٍ. فَيَأْتُونَ مُحَمَّدًا فَيَقُولُونَ: يَا مُحَمَّدُ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ وَخَاتِمُ الأنْبِيَاءِ وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، اشْفَعْ لَنَا إلى رَبِّكَ، أَلا تَرَى إلى مَا نَحْنُ فِيهِ؟
"فَأَنْطَلِقُ فَآتِى تَحْتَ الْعَرْشِ فَأَقَعُ سَاجِدًا لِرَبِّى عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَىَّ مِنْ مَحَامِدِهِ وَحُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ شَيْئًا لَمْ يَفْتَحْهُ عَلَى أَحَدٍ قَبْلِى، ثُمَّ يُقَالُ يَا مُحَمَّدُ! ارْفَعْ رَأْسَكَ، سَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ؛ فَأَرْفَعُ رَأْسِى، فَأَقُولُ أُمَّتِى يَا رَبِّ! أُمَّتِى يَا رَبِّ! أُمَّتِى يَا رَبِّ! فَيُقَالُ يَا مُحَمَّدُ! أَدْخِلْ مِنْ أُمَّتِكَ مَنْ لا حِسَابَ عَلَيْهِمْ مِنْ الْبَابِ الأيْمَنِ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، وَهُمْ شُرَكَاءُ النَّاسِ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ الأبْوَابِ" ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ إن مَا بَيْنَ الْمِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الْجَنَّةِ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَحِمْيَرَ، أَوْ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَبُصْرَى. انتهى. (أخرجه البخارى فى: 65-كتاب التفسير: 17-سورة الاسراء: 5-باب ذرية من حملنا مع نوح).
الشرح والمناقشة (8):
الحديث هنا يرافقه وصف رسول الله (ص) وهو ينهش (نهس) اللحم بيده ليخبر الصحابة بأنه سيد الناس يوم القيامة؛ علما بأنه ليس أفضل من موسى-عليه السلام-الذى لا يصعق-أو يصحو قبله-يوم القيامة أو يونس بن متى خير الناس على الإطلاق-حسب ما جاء فى صحيح البخارى (كتاب الانبياء).
والحديث يبين أن الله-عز وجل-غضب غضبًا شديدًا من آدم لأنه عصاه فى الجنة ومن إبراهيم لأنه كذب ثلاث مرات ومن موسى لأنه قتل نفسًا أما من عيسى فكان بدون أى سبب! فقط لمجرد الغضب!!
أخيرًا نجد أن من أمة محمد (ص) من لا حساب عليه؛ وأن مصراعى باب الجنة كما بين مكة وحمير أو بصرى، وهى مسافة تقل كثيرًا عن شجرة موجودة فى الجنة وصفها أبو هريرة-راوى الحديث نفسه-(يسير المرء فى ظلها مائة عام لا يقطعها!).
متن الحديث (9):
حديث أَبى هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ص) رَأَى نُخَامَةً فِى جِدَارِ الْمَسْجِدِ فَتَنَاوَلَ حَصَاةً فَحَكَّهَا فَقَالَ" إِذَا تَنَخَّمَ أَحَدُكُمْ فَلا يَتَنَخَّمَنَّ قِبَلَ وَجْهِهِ، وَلا عَنْ يَمِينِهِ، وَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ أو تَحْتَ قَدَمِهِ الْيُسْرَى. (أخرجه البخارى فى: 8-كتاب الصلاة: 34 باب حك المخاط بالحصى فى المسجد).
الشرح والمناقشة (9):
يبين الحديث أن الرسول قد سمح بالبصاق والمخاط والتف والنف داخل المسجد على أن يكون ذلك عن يسار المرء! وهنا يبرز سؤال يطرح على السادة العلماء الأفاضل:
هل يقبل ذلك فى مساجدنا اليوم؟! وماذا سنفعل بالسجاد والجدران الرخامية المذهبة فى بيوت الله اليوم؟! أنبصق ونتف عليها ثم نقوم بتنظيفها بالوسائل الحديثة المتوافرة، أو بالحصاة لتطبيق سنة النبى فى ذلك!!
كل ذلك يوضح أن مثل تلك الأحاديث تنطبق على أناس تفرش الرمال أرضهم وسعف النخيل سقوفهم والطين جدرانهم!
وعلى الرغم من أن المساجد قد تطورت بعد أكثر من قرنين-زمن رواية ذلك الحديث-من حيث الإكساء فإن الإمام البخارى لم يجد فى ذلك الحديث ما يناقض قواعد النظام والعادات الصحية السليمة فى عصره-العصر العباسى الذهبى فى تاريخ الأمة الإسلامية!!
متن الحديث (10):
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ص) قَالَ: إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِى إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ كُلَّهُ ثُمَّ لِيَطْرَحْهُ، فَإِنَّ فِى أَحَدِ جَنَاحَيْهِ شِفَاءً وَفِى الآخَرِ دَاءً.
الشرح والمناقشة (10)
يوضح الحديث أنه قد يقع أكثر من ذبابة فى الطعام فى الطعام دون أن يؤثر فى تلوثه (جرثمته بمصطلح اليوم) شريطة أن يغمس الذباب بأكمله فى الطعام ثم يطرح منه!!
وعلى الرغم من تعارض معطيات ذلك الحديث مع نتائج وتطبيقات البحوث العلمية ومع الذوق الإنسانى السليم، فإننا نجد كثيرًا من السادة العلماء الأفاضل يدافع عن ذلك الحديث حتى أن بعضهم قد ذهب فى أحد كتبه إلى قوله بأن صحيفة علمية صينية (لم يذكر اسمها) قد أثبتت صحة ذلك الحديث!!
متن الحديث (11):
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِى (ص) قَالَ: إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلا يَمْسَحْ يَدَهُ حَتَّى يَلْعَقَهَا أو يُلْعِقَهَا. (أخرجه البخارى فى المختصر 73-كتاب الاطعمة).
الشرح والمناقشة (11):
يعرف هذا الحديث أيضًا بحديث البزازة وهى ظاهرة تنافى الذوق السليم وتجانب الطب الوقائى. وهنا نسأل: هل هناك من يرضى أن يلعق إصبع صديقه أو أخيه بعد الطعام ليطبق السنة النبوية؟! وإذا كان بعض السادة العلماء الأفاضل يرى فى ذلك الحديث مظهر شكر وتقدير لنعمة الله فاننى أرى-مع كثيرين غيرى-مظهر تخلف وقرف واشمئزاز فيه.
وما أجمل الإنسان الذى يغسل يديه بعد الطعام بصابون معطر يقوم بعدها بحمد الله-عز وجل-على نعمه وعلى تطور العلوم والصناعات التى جعلتنا ننعم بحمد الله ونرضى أصحاب الذوق السليم فى كافة أرجاء الأرض، والمخالف للصحابة الذين وصفهم جابر بن عبد الله بقوله:
"قد كنا زمان النبى (ص) لم يكن لدينا مناديل إلا أكفنا وسواعدنا وأقدامنا، ثم نصلى ولا نتوضأ ". (البخارى-باب الاطعمة).
متن الحديث (12):
عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رِجَالٌ مِنْ الأعْرَابِ حُفَاةً يَأْتُونَ النَّبِى (ص) فَيَسْأَلُونَهُ: مَتَى السَّاعَةُ؟ فَكَانَ يَنْظُرُ إلى أَصْغَرِهِمْ فَيَقُولُ: إِنْ يَعِشْ هَذَا لا يُدْرِكْهُ الْهَرَمُ حَتَّى تَقُومَ عَلَيْكُمْ سَاعَتُكُمْ. (أخرجه البخارى فى المختصر: باب الرقاق).
الشرح والمناقشة (12):
إذا كان ذلك الحديث يتحدث عن ساعة أولئك الأعراب فلا حاجة لنا به-خصوصًا أنه لم يتم التحقق من حال أولئك الأعراب بعده-وإذا كان يفيد قيام الساعة الناس أجمعين فإن فيه من الخطأ ما كان يتوجب على الإمام البخارى عدم اعتماده فى صحيحه احتراما للعلم والعقل!!
متن الحديث (13):
عَنْ أَبِى ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِى، قَالَ: قُلْتُ يَا نَبِى اللَّهِ! إِنَّا بِأَرْضِ قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أَفَنَأْكُلُ فِى آنِيَتِهِمْ؟ وَبِأَرْضِ صَيْدٍ، أَصِيدُ بِقَوْسِى وَبِكَلْبِى الَّذِى لَيْسَ بِمُعَلَّمٍ وَبِكَلْبِى الْمُعَلَّمِ، فَمَا يَصْلُحُ لِى؟ قَالَ: أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَإِنْ وَجَدْتُمْ غَيْرَهَا فَلا تَأْكُلُوا فِيهَا، وَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَاغْسِلُوهَا وَكُلُوا فِيهَا، وَمَا صِدْتَ بِقَوْسِكَ فَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ فَكُلْ وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ الْمُعَلَّمِ فَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ فَكُلْ، وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ غَيْرِ الـمُعَلَّمٍ فَأَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ فَكُلْ. (أخرجه البخارى فى: 73 كتاب الذبائح والصيد: 4-باب صيد القوس).
الشرح والمناقشة (13):
يبين ذلك الحديث عدم جواز استخدام أوانى أهل الكتاب-بشكل عام-إلا فى الحالات الاستثنائية.. عندئذ يتوجب غسلها قبل استعمالها.
وإذا كان الله-عز وجل-قد ذكر فى حكم تنزيله {...وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم...} (المائدة-5) فأين ما فى الحديث من ذلك؟!
وقد يجيب: الحل للطعام ليس لاستخدام الإناء!! عندئذ نسأل: ما الأصل فى الحكم؛ الطعام أم الاناء، وكيف يقدم الطعام؟! بالأكف أم بالأرغفة؟!
كذلك يحق للمرء أن يتساءل: كيف يمكن أن نطبق ذلك الحديث اليوم؟! وماذا نفعل فى المطاعم والفنادق المنتشرة فى كافة أرجاء المعمورة خارج حدود الدول الإسلامية؟! أيطلب أحدنا غسل الصحن قبل تناول الطعام فيه؟! أم يغسله بنفسه؟! أم يقاطع كافة مطاعم أهل الكتاب. وهنا نذكر أن سكان الشرق الأقصى ليسوا من أهل الكتاب أصلا!!
كل ذلك يظهر مناقضة ذلك الحديث لكلامه-عز وجل-وللعادات والأعراف السائدة اليوم.
النتيجة:
صحيح البخارى ملئ بالأحاديث المتناقضة فى معظم المجالات وعلى مختلف المسويات، وقد استعرضت جزءًا يسيرًا منها فى أبحاث الكتاب، وإذا أردت الخوض بعمق وتحليل بعد الاعتماد على علم البلاغة (البيان والمعانى) فى اللغة لاحتجت إلى مجلدات من الكتب لبيان ذلك!!
فمرة يأمر الرسول بالكى ومرة ينهى عنه، ومرة يقر الرُّقية ويأخذ من أموالها وأخرى يمنعها،وكذلك الحال فى الحجامة، ومرة يرى فى الشِّعر قيحًا وأخرى يحض الشاعر حسان بن ثابت عليه؛ ومرة يرى (جبريل) مرتين أو ثلاثًا وأخرى يلقاه كل ليلة من أيام شهر رمضان، ومرة يخبرنا أن داوود بن سليمان طاف فى يوم واحد على مائة امرأة وأخرى يخبرنا بأنه طاف على سبعين فقط! ومرة نجد أن الإيمان بضع وستون شعبة بينما النبوة ست وأربعون (يطلب ذكرها فى الحالتين) ومرة نجد آيات المنافق ثلاثًا وأخرى أربعًا، ومرة يدخل الجنة سبعون ألفًا من المسلمين وأخرى يدخلها سبعمائة ألف... ومرة ينبذ للرسول فى التمر ومرة ينهى عنه، ومرة يعتبر الرضاع من المجاعة وأخرى يقره!! وإلى غير ذلك من التناقض والتضارب الذى نقول فيه: آن الأوان لمواجهة الحقيقة واعتماد الحق فى أمورنا والاعتراف بمتناقضات أحاديث الإمام البخارى!!
أخيرًا أختم هذا الفصل بحديث جاء فى صحيح البخارى وأسأل بعده ما الحكمة أو الغاية من ذلك الحديث؟! وما يريد أن يقول لنا فيه؟!
حديث جابر، قال: "كنا نعزل والقرآن ينزل". (أخرجه البخارى فى: 67- كتاب النكاح: 96-باب العزل).
الهوامش
(1) رأينا فى الأحاديث الواردة سابقًا أمثلة على ذلك.
(2) راجع البخارى كتاب التفسير
الفصل الثامن
بين الماضى والحاضر
ذكرت فيما مضى وسأذكر دائمًا أن تقديس الماضى هو عقدة المجتمع الإسلامى بشكل عام والعربى بشكل خاص؛ فكل ما جاء من الماضى محترم مبجل؛ يوضع على الرأس دون نقاش أو نقد وكل فهم مناقض له مهاجم محارب منسوب إلى العمالة والخيانة والمؤامرة على العروبة والدين!
ومع ذلك كله فقد قررت-مستعينًا بالله-عز وجل-أن أخوض فى نقد الخطأ فى القديم بالرغم من إحاطته بالهالة والقداسة؛ وذلك بغية إظهار الحقيقة الساطعة التى ستبقى أملى المنشود. وسأقوم فى هذا الفصل بمعالجة حديث من صحيح البخارى لاستنباط أحكام منه متأسيًا بفعل الإمام الشافعى ورابطًا للماضى بالحاضر.
أما الحديث الذى بحث فيه الإمام الشافعى من صحيح البخارى فهو:
حديث أنس،قال: كَانَ النَّبِى (ص) أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا. وَكَانَ لِى أَخٌ يُقَالُ لَهُ أبو عُمَيْرٍ، فَطِيمٌ، وَكَانَ إذا جَاءَ قَالَ: يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ؟ نُغَرٌ كَانَ يَلْعَبُ بِهِ. (أخرجه البخارى فى: 78-كتاب الآداب: 112-باب الكنية للصبى قبل أن يولد للرجل).
والفطيم: من فصل رضاعه، أما النغير: فتصعير نغر وهو طائر صغير أحمر المنقار.
وكما نلاحظ فإن الإمام البخارى قد وضع ذاك الحديث تحت باب (الكنية للصبى قبل أن يولد للرجل) وهو أمر هام دون أدنى شك! إلا أنه لم يفكر قط أن الطفل الفطيم يمكن أن يعذب الطير ويؤذيه. وقد جاء فى الأثر أن الإمام الشافعى قد استنبط من ذلك الحديث عشرين حكما ومنهم من قال: أربعين أو خمسين... وإلى غير ذلك من الأقاويل.
ومن تلك الأحكام على سبيل المثال-لا الحصر-جواز المزاح مع الصغير (الفطيم)، جواز اللعب بالطير، جواز كنية الصبى... الخ.
والحديث الذى سأعالجه من صحيح البخارى هو التالى:
حديث علِىٍّ،قَالَ: كَانَتْ لِى شَارِفٌ مِنْ نَصِيبِى مِنْ الْمَغْنَمِ، يَوْمَ بَدْرٍ، وَكَانَ النَّبِى (ص) أَعْطَانِى شَارِفًا مِنْ الْخُمُسِ، فَلَمَّا أَرَدْتُ أن أَبْتَنِى بِفَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ (ص)، وَاعَدْتُ رَجُلا صَوَّاغًا مِنْ بَنِى قَيْنُقَاعَ، أَنْ يَرْتَحِلَ مَعِى فَنَأْتِى بِإِذْخِرٍ، أَرَدْتُ أن أَبِيعَهُ الصَّوَّاغِينَ، وَأَسْتَعِينَ بِهِ فِى وَلِيمَةِ عُرْسِى؛ فَبَيْنَا أَنَا أَجْمَعُ لِشَارِفَى مَتَاعًا مِنْ الأقْتَابِ وَالْغَرَائِرِ وَالْحِبَالِ، وَشَارِفَاى مُنَاخَتَانِ إِلَى جَنْبِ حُجْرَةِ رَجُلٍ مِنْ الأنْصَارِ، رَجَعْتُ حِينَ جَمَعْتُ مَا جَمَعْتُ، فَإِذَا شَارِفَاى قَدْ اجْتُبَّ أَسْنِمَتُهُمَا، وَبُقِرَتْ خَوَاصِرُهُمَا، وَأُخِذَ مِنْ أَكْبَادِهِمَا، فَلَمْ أَمْلِكْ عَيْنَى، حِينَ رَأَيْتُ ذَلِكَ الْمَنْظَرَ مِنْهُمَا. فَقُلْتُ: مَنْ فَعَلَ هَذَا؟ فَقَالُوا: فَعَلَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَهُوَ فِى هَذَا الْبَيْتِ فِى شَرْبٍ مِنْ الأنْصَارِ. فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى النَّبِى (ص) وَعِنْدَهُ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، فَعَرَفَ النَّبِى (ص) فِى وَجْهِى الَّذِى لَقِيتُ. فَقَالَ النَّبِى (ص): مَا لَكَ؟ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ قَطُّ، عَدَا حَمْزَةُ عَلَى نَاقَتَى فَأَجَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا، وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا؛ وَهَا هُوَ ذَا، فِى بَيْتٍ مَعَهُ شَرْبٌ. فَدَعَا النَّبِى (ص) بِرِدَائِهِ فَارْتَدَى، ثُمَّ انْطَلَقَ يَمْشِى، وَاتَّبَعْتُهُ أَنَا وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ حَتَّى جَاءَ الْبَيْتَ الَّذِى فِيهِ حَمْزَةُ، فَاسْتَأْذَنَ، فَأَذِنُوا لَهُ، فَإِذَا هُمْ شَرْبٌ. فَطَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ (ص) يَلُومُ حَمْزَةَ فِيمَا فَعَلَ. فَإِذَا حَمْزَةُ قَدْ ثَمِلَ مُحْمَرَّةً عَيْنَاهُ. فَنَظَرَ حَمْزَةُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (ص)، ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ، فَنَظَرَ إلى رُكْبَتِهِ، ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ، فَنَظَرَ إلى سُرَّتِهِ، ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ، فَنَظَرَ إلى وَجْهِهِ؛ ثُمَّ قَالَ حَمْزَةُ: هَلْ أَنْتُمْ إِلا عَبِيدٌ لأبِى! فَعَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ (ص) أَنَّهُ قَدْ ثَمِلَ، فَنَكَصَ رَسُولُ اللَّهِ (ص) عَلَى عَقِبَيْهِ الْقَهْقَرَى. وَخَرَجْنَا مَعَهُ.
(أخرجه البخارى فى: 57-كتاب فرض الخمس: 1-باب فرض الخمس).
وبما أنى سأتبع أسلوب الاستنباط القديم فإنى سأورد شرح ذلك الحديث حسب ما جاء فى الأثر حيث نجد أن معنى:
شارف: أى مسنة من النوق. من الخمس: أى الذى حصل من سرية عبد الله بن جحش، وكانت فى رجب من السنة الثانية قبل بدر بشهرين. أبنى بفاطمة: أى أدخل بها. صواغا: الصواغ صائغ الحلى. من بنى قينقاع: قبيلة من اليهود. بإذخر: الإذخر حشيشة طيبة الرائحة تسقف بها البيوت فوق الخشب، وهمزتها زائدة.
عرسى: قال الجوهرى: العرس طعام الوليمة. من الأقتاب: قتب البعير رحله. الغرائر: جمع غرارة، ما يوضع فيها الشئ، من التبن وغيره. مناخان: مبركان. اجتبت: أى قطعت. أسنمتهما: السنام حدبة فى ظهر البعير، وسنام كل شئ أعلاه والجمع أسنمة. وبقرت أى شقت فلم أملك عينى: من البكاء. من فعل هذا: أى الجب والبقر والأخذ. شرب: جماعة يجتمعون على شرب الخمر،اسم جمع عند سيبويه، وجمع شارب عند الأخفش. عدا: عدا عليه يعدو عدوًا وعدوانًا وعداء، ظلم وتجاوز الحد. فطفق: فجعل. ثمل: أى سكر. صعد النظر: أى رفعه. هل أنتم إلا عبيد لأبى: أى كعبيد له، يريد، والله أعلم،أن عبد الله وأبا طالب كانا كأنهما عبدان لعبد المطلب فى الخضوع لحرمته. والجد يدعى سيدا؛ وأنه أقرب إليه منهما. فأراد الافتخار عليهم بذلك. فنكص: أى رجع. على عقبيه القهقرى: بأن مشى إلى خلف ووجهه لحمزة خشية أن يزداد عبثه فى حال سكره فينتقل من القول إلى الفعل، فأراد أن يكون ما يقع منه (أى حمزة).
أما الأحكام المستنبطة منه فهى:
1-جواز ضم النصيب من مغنم الحرب إلى الخمس المعطى من الحاكم.
2-جواز أن يكون المعطى من الخمس شارفًا (مئة من النوق).
3-جواز الاستعانة بصواغ (صائغ) يهودى.
4-جواز الارتحال مع يهودى والاتجار معه-إن كان صائغا.
5-جواز بيع الإذخر (العطر) للصواغين مقابل الذهب والاتجار به.
6-جواز إناخة النوق جانب حجر البيوت.
7-جواز البكاء على النوق المذبوحة (إذا كان عددها اثنين أو أكثر). وكراهيته للموتى من الاقارب.
8-جواز شرب الخمر فى بيوت الأنصار فى المدينة.
9-جواز قطع سنام حدبة ظهر البعير من قبل السكران.
10-وجوب إعطاء المعلومات حول مرتكبى الأخطاء والجرائم وعدم كتمانها.
11-جواز سماع جليس الإمام أو الحاكم لشكاوى الرعية.
12-معرفة النبى للأمور من وجوه أصحابها.
13-وجوب ارتداء الإمام أو الحاكم رداءه قبل خروجه لأمر الرعية.
14-جواز مرافقة جليس الإمام أو الحاكم له فى عمله ومهمته فى حل مشاكل الرعية (حالتنا: زيد بن حارثة).
15-وجوب السير خلف الحاكم أو الإمام وأتباعه.
16-جواز استخدام البيوت كمشارب للخمر دون إذن مسبق من الحاكم أو الإمام
17-وجوب استئذان الحاكم أو الإمام قبل دخوله البيوت-وان كانت مشبوهة.
18-وجوب لوم الإمام للسكير بالقول.
19-علائم السكر: احمرار العينين وتصعيد النظر من الركبة إلى الوجه.
20-جواز استعلاء السكران وتفاخره على الحاكم أو الإمام.
21-وجوب الرجوع القهقرى (المشى للخلف والوجه للأمام) خشية من السكران.
22-عدم تطبيق حد الخمر على عم الحاكم أو الإمام.
23-عدم تغريم عم الحاكم أو الإمام بما يقتله من الإبل وغيرها.
24-جواز استثناء عم الحاكم أو الإمام من العقوبات وتطبيق ذلك على من هو فى مقامه كالخال أو الجد..
25-الانسحاب مع الإمام أو الحاكم دون إظهارالأسباب وبصمت.
وبما أنى لم أصل إلى مرتبة الإمام الشافعى فى الفهم والاستنباط للاحكام فإننى سأكتفى بما أوردته من أحكام فى ذلك الحديث!!
وسأطرح تساؤلا مشروعًا: أين تطبيق حدود الله على حمزة؟! وأين قول النبى لفاطمة الزهراء: لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها؟!
وإذا كان حد الخمر مختلفًا فيه (هذا أن وجد له حد) فما هى غرامة ذبح النوق وقتلها (دية الابل)؟ (1). كما أن الإمام البخارى لم ير فى ذلك الحديث الا أن يضعه فى كتاب فرض الخمس!! ولم لا فالخمس وفرضه من الغنائم هو اهم ما يغنمه الحاكم؛ ألم يخصص الخليفة الراشدى عثمان بن عفان غنائم افريقيا لزوج ابنته مروان بن الحكم؟!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تسمى اسنان الابل، راجع البخارى، كتاب الاعتصام.
الخاتمة
بعد ذلك العرض والجهد قد تختلف ردود الأفعال بين التأييد والرفض أو الحياد؛ ومهـما تكن النتيــجة فإنـها تــنزع مـنى صـفة الصـدق مــع الله والذات والأمة التى لازمتنى فى إنجاز هذا الكتاب. وإذا كان الإمام البخارى لن يحرم من أجره عند الله-عز وجل-لأنه عمل واجتهد وسعه، فإن الإنسان يحق له أن يقبل أو يرفض عمله إذا لم ير فيه ما يحقق طموح ورغبات الأمة المشروعة فى التطور والتقدم.
وقبل أن أنهى كتابى هذا أورد حديثًا جاء فى صحيح البخارى؛ لأطرح سؤالا مشروعًا: إذا كان الصحابى الإمام على قد أكد أن ما يلزمنا هو كتاب الله وما فى الصحيفة التى قرأها وأثبت ذلك الإمام البخارى فى صحيحه، فلماذا جمع كل تلك الأحاديث فى صحيحه؟!
-حديث علِىٍّ (رض). خَطَبَ عَلَى مِنْبَرٍ مِنْ آجُرٍّ وَعَلَيْهِ سَيْفٌ فِيهِ صَحِيفَةٌ مُعَلَّقَةٌ، فَقَالَ: وَاللَّهِ! مَا عِنْدَنَا مِنْ كِتَابٍ يُقْرَأُ إِلا كِتَابُ اللَّهِ وَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ. فَنَشَرَهَا فَإِذَا فِيهَا: أَسْنَانُ الإِبِلِ؛ وَإِذَا فِيهَا: "الْمَدِينَةُ حَرَمٌ مِنْ عَيْرٍ إِلَى كَذَا، فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلا عَدْلا" وَإِذَا فِيهِ "ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ، فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلا عَدْلا" وَإِذَا فِيهَا: "مَنْ وَالَى قَوْمًا بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلا عَدْلا". (أخرجه البخارى فى: 96-كتاب الاعتصام: 5-باب ما يكره من التعمق والتنازع فى العلم والغلو فى الدين والبدع).
يقصد بأسنان الإبل: إبل الديات واختلافها فى العمد والخطأ وشبه العمد (حسب ما جاء فى الاثر).
أخيرًا أنهى كتابى هذا بقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدًا* يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزًا عظيمًا* إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلومًا جهولا} صدق الله العظيم. (الاحزاب 70-72)
المراجع
نظرًا لشهرة المراجع المستخدمة فإننا لن نذكر عدد مجلداتها وأسماء دور نشرها.
القرآن الكريم.
اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان اماما المحدثين
أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بروبه (البخارى). وأبو الحسن مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيرى النيسابورى فى صحيحهما اللذين هما أصح الكتب المصنفة. (دار الباز للنشر والتوزيع)
صحيح البخارى.
مختصر صحيح البخارى المسمى التجريد الصريح (المشهور) بـ (مختصر الزبيدى).
صحيح مسلم.
الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث/ للحافظ ابن كثير.
فتح البارى لابن حجر العسقلانى.
اسد الغابة فى معرفة الصحابة ابن الأثير.
صفوة الصفوة ابن الجوزى.
الكامل فى التاريخ ابن الأثير.
الطبقات الكبرى ابن سعد.
تاريخ الطبرى الطبرى.
مروج الذهب؛ التنبيه والاشراف المسعودى.
الملل والنحل الشهرستانى.
البداية والنهاية ابن كثير.
تاريخ الخلفاء السيوطى.
العقد الفريد ابن عبد ربه.
الام؛ الرسالة. الشافعى.
ضحى الإسلام احمد امين.
فقه السنه سيد سابق.
الإسلام عقيدة وشريعة محمود شلتوت.
الخلافة الإسلامية سعيد عشماوى.
صور من حياة الصحابة عبد الرحمن رأفت الباشا.
المحتويات
المقدمة
الفصل الأول: زبدة الكتاب فى بدايته
الفصل الثانى: البخارى والقرآن الكريم
الفصل الثالث: البخارى والرسول الكريم
الفصل الرابع: البخارى والديانات الأخرى
الفصل الخامس: البخارى والحكم والصحابة
الفصل السادس: البخارى والمرأة
الفصل السابع: البخارى ومجموعة متناقضات
الفصل الثامن: بين الماضى والحاضر
الخاتمة
المراجع
Thursday, May 24, 2007
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
2 comments:
اظن ان السيد زكريا هذا بحاجة الى ان يقرأ المزيد والتفقه .. لان ما يورده ما هي الا شبهات .. فانصحه اول وقبل كل شيء بمطالعة كتاب : شبهات حول الاسلام للسيد قطب
وبعدها يمكنه ان يقول ما شاء
وعلى فكرة هناك احاديث في البخاري لا يأخذ به ثقات العلماء والي ينفرد بها مصدر واحد او ما شابه
مثل عقيدة الاشاعرة ..
والسلام عليكم
Post a Comment